يصادف اليوم الاثنين الخامس من شهر أغسطس/آب ذكرى ميلاد الفنان طلال المداح، إذ ولد في مثل هذا اليوم عام 1940، وأطلق أول صرخة له في أحد شعاب مكة المكرمة حيث تولى زوج خالته تربيته.
بدأت علامات الفن بالظهور مبكرًا على الفتى الأسمر، وربما يعود الفضل إلى مدرسته في مدينة الطائف؛ إذ عكفت على إقامة حفلات في مناسبات مختلفة وهو الأمر الذي أتاح للفتى وقتذاك أن يبرز كصوتٍ شجي، وتسند إليه مهمة مقرئ الحفل في كل حفلات المدرسة.
لم يتوقف حلم طلال بالشدو والغناء إنما ذهب بعيدًا، حيث وفرت له الفرصة بأن يكون بمنزله آلة العود، وأخذ يدندن عليه منذ صغره، ويعيد غناء روائع الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب، حتى اشتد عوده، وأصبحت أصابعه أكثر معرفة بالأوتار، وكادت تحفظ طريقها غيبًا، فما إن يحتضن الشاب وقتئذ العود حتى تنهمر الألحان منسابة من بين أصابعه، فكانت أغنية (وردك يا زارع الورد) أولى أغنياته التي بثتها الإذاعة السعودية.
كبر طلال، وأصبح يراوده تحقيق حلمه الكبير والخروج من إطار القرية والمدينة، حتى غدا أحد أهم المطربين والملحنين العرب وأبرز الفنانين السعوديين، فمنذ البدايات غنى بكل اللهجات العربية المشرقية والمغاربية والمصرية، حتى إنه غنى أيضًا باللغة الإنجليزية.
أخذ طلال على عاتقه نشر الأغنية السعودية إلى خارج المملكة، فاحتضنته مسارح ومدرجات باريس ولندن وغيرهما من العواصم والإذاعات العالمية التي بدأت بالتعرف على الموسيقى العربية وصوته النقي.
أصبح طلال من أهم المطربين العرب والملحن الأكثر التصاقًا بالنوتات ولألحان، حتى إن الموسيقار المصري الكبير محمد عبد الوهاب أطلق عليه لقب "زرياب"، كما لقب بـ"الحنجرة الذهبية" و "قيثارة الشرق" و"صوت الأرض".
ورغم معاصرة طلال لعمالقة الفن مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم، إلا أنه استطاع أن يحفر لاسمه مكانًا بين تلك الأسماء الكبيرة، حيث خطف الشاب السعودي أنظار الجماهير في مصر، حاضنة الفن والطرب آنذاك، وأصبح من نجوم الصف الأول؛ سواء بين المطربين أو الملحنين مثل محمد الموجي وبليغ حمدي وغيرهما.
وفي رصيد طلال مداح مئات الأغنيات والألحان، فالرجل لم يوفر وقتًا منذ تفتح وعيه الفني في الستينيات، الفترة التي شهدت ولادة أغنيته "ماذا أقول" وهي من ألحان محمد عبد الوهاب.
وخاض طلال تجربة التمثيل السينمائي لمرة واحدة فقط عام 1962، إذ قام بدور البطولة بفيلم "شارع الضباب" أمام الفنانة اللبنانية صباح، ومن القاهرة أطلق الفنان السعودي أشهر أغانيه «مقادير» أمام جمهور تجاوز عدده أكثر من 40 ألف شخص اكتظ بهم ملعب نادي الترسانة.
قدم طلال الكثير للفن والألحان والغناء العربي، مخلصًا طوال حياته لِما نشأ وكبر عليه حتى توفي في 11 أغسطس/ آب 2000 محتضنًا العود أثناء تأديته وصلة غنائية في مدينة أبها السعودية، حيث نقل إلى جدة، وقد ووري الثرى فيها.