في عالم الفن العربي، هناك أسماء تظل محفورة في ذاكرة الأجيال، لتتحول إلى رموز تعبّر عن هوية فنية أصيلة. من بين هؤلاء، يبرز الفنان سليم كلاس، الذي استطاع عبر مسيرة طويلة أن يربط اسمه بجوهر الدراما السورية وشخصياتها الخالدة.
برحيله في 2 ديسمبر/كانون الأول 2013، خسرت الساحة الفنية أحد أبرز أعمدتها، تاركًا وراءه إرثًا يتحدث عنه الزمن.
وُلد سليم كلاس في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1936 بمدينة دمشق، وبدأ حياته المهنية مذيعًا في الإذاعة والتلفزيون، إذ لفت الأنظار بأسلوبه المتقن وقدرته على كسب ثقة الجمهور.
لكن شغفه بالتمثيل كان أقوى، فانتقل إلى عالم الدراما في عام 1970، ليصبح أحد مؤسسيها وروادها، محققًا نجاحات استثنائية في المسرح، السينما، التلفزيون.
حفر كلاس اسمه عميقًا في وجدان الجمهور العربي عبر أدواره في مسلسلات البيئة الشامية، حيث جسّد شخصيات الحلاق والتاجر بمهارة. أعمال مثل "أيام شامية"، "الخوالي"، و"ليالي الصالحية" جعلت منه رمزًا للرجل الشرقي التقليدي، القريب من قلوب المشاهدين، كما تألق في أدوار الرجل المزواج بروح فكاهية، أضفت طابعًا مميزًا على أعماله.
لم يتوقف تأثير سليم كلاس عند حدود الدراما السورية، بل امتد إلى العالم العربي. شارك في أعمال سينمائية بارزة مثل "شورت وفانلة وكاب" و"ولاد العم" في مصر، بالإضافة إلى أفلام سورية مثل "ليل ورجال" و"هاوي مشاكل".
عبر مسيرة امتدت لعقود، شارك كلاس في أعمال درامية رسخت مكانته، من أبرزها "باب الحارة"، "زمن البرغوت"، "قمر شام"، و"رجال العز". كما أثبت موهبته على خشبة المسرح في أعمال عالمية مثل "تاجر البندقية" و"مكبث".
قبل 10 سنوات وتحديدًا في صباح 2 ديسمبر/كانون الأول 2013، أسدل الستار على حياة هذا الفنان الكبير إثر أزمة قلبية، لكنه ترك وراءه إرثًا فنيًا يتجاوز الزمن. أعماله ما زالت حاضرة في وجدان الجمهور، تروي قصة فنان عاش للإبداع، ورحل تاركًا أثرًا لا يُنسى.
سليم كلاس لم يكن مجرد ممثل، بل أيقونة جمعت بين البساطة والعمق، بين الفكاهة والجدية، ليصبح رمزًا من رموز الدراما العربية. إرثه الفني سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة، شاهدًا على رحلة فنية استثنائية في عالم التمثيل.