من زاوية صغيرة في بيت عائلته، كانت البداية كما هو حال كل من يرسم، لتتسع المساحة مع الوقت وتتحول إلى "استديو" يعكس عالم الفنان ويحتضن تقلباته، يخبرنا الفنان التشكيلي السوري مهند عرابي في حديث خاص لـ "فوشيا" عن تجربته الفنية.
عن علاقته بمرسمه الخاص، قال عرابي: "أنا شخص عاطفي أرتبط بالأماكن والأشخاص، وأشعر بأن طبيعة المكان الذي أرسم فيه تنتقل إلى اللوحة، فقد رسمت سابقا في أماكن لم أحبها كثيرا؛ ولهذا اخترت أخيرا هذا المكان الذي يتوفر فيه الضوء الطبيعي، صوت الشارع، الزرع، فانعكس على أعمالي الأخيرة وصار فيها روح مختلفة".
عن عدد الاستديوهات التي تنقل بينها خلال مسيرته الفنية، أوضح أنه تنقل بين الكثير منها، وقال: "كل شخص يرسم يبدأ من زاوية صغيرة في منزل عائلته، يضطر فيها إلى إعادة كل شيء إلى مكانه عندما ينتهي من الرسم، مع الوقت تكبر هذه المساحة كلما كبر".
وأضاف: "في الشام تنقلت بين مرسمين، أحدهما كان الأقرب إلى قلبي، وكان استديو جمعنا أنا ومجموعة من الأصدقاء المبدعين من مجالات مختلفة، وكان مساحة حرة للإبداع، كان يقع في حارة قديمة بالشام تدعى "حارة الورد" وبعده تنقلت بين العديد من الأماكن بسبب الظروف، وصارت الأماكن مؤقتة وهذا جعلني أبني علاقة مختلفة معها، كما أنه انعكس على أعمالي أيضاً، وأعتقد أن أعمالي الأخيرة تعكس شيئا من الهدوء والسلام، وربما نحن نقرر أن ننظر للأشياء بشكل مختلف".
مهند عرابي:خرجت في "الظلال الملونة" عن المألوف في أعمالي
وأوضح بأنه اعتاد أن يرسم في كل الظروف، فقد رسم وهو يسمع صوت الرصاص، وأحيانا يرسم وهو يستمع للموسيقى التي يحبها، الحالتين مؤثرات، وهذا يضيف قيمة للعمل الفني، فهي ليست مجرد لوحة جميلة، بل هي قصة كاملة، ومجموعة من الأسئلة، أشياء لا يجيد التعبير عنها بالكتابة أو بالكلام، فتخرج على شكل لوحة.
وأضاف: "ما أعرفه تماما أن كل لوحة أراها، حتى وإن رسمتها قبل عشرين سنة، أنا أذكر تماما أين رسمتها، والظروف التي خرجت بها، وماهي قصتها".
وعن طقوسه الخاصة بالاستديو، أكد عرابي أن ضغط الحياة الذي يعيشه الجميع اليوم، جعله يعتاد الرسم تحت أي ظرف، وقال: "عودت نفسي أن أترجم مشاعري أيًّا كانت الظروف، وأركز على الاستمتاع فيما أقوم به، فيمكن أن أهرب من الواقع والتفكير فأنغمس في هذه النافذة بكل طاقتي وصدقي وعفويتي ونزقي".
أخيرًا عن معرضه الأخير "الظلال الملونة" الذي افتتحه مؤخرًا في أربينست آرت غاليري بدبي، والذي خرج فيه عن نمطه المألوف، قال: "معظم الناس يعرفون أعمالي من خلال الوجه الذي أصبح الحامل الأساسي للوحتي، لكن مؤخرًا شعرت بأن فلسفة اللوحة ذاتها تغيرت، وهذا لم يأتي بقرار فالموضوع يحتاج إلى الوقت، وأوضح: معرضي الأخير كان عبارة عن مجموعة من المزهريات التي تحمل الورود، لأنني أحب الورد وأرى في المزهرية مسيرة حياة الورد، والمكان الذي يجمع جذورها لتنبت من جديد".