فنانٌ وشاعرٌ وكاتب، في مرسمه تتدفق أرواحٌ حملها ذاك النهر المندفع في وجدانه، تحط على ضفاف اللوحة بعذوبة، مثل ترنيمة يرددها عاشق أبدي، مستجدياً الإلهام في أبعاد عوالمه المتداخلة، وتشعبات جذوره الفراتية الممتدة في أرجاء عالمه الفيّاض، إسماعيل الرفاعي، قصيدة تصعب ترجمتها دون التأمل في انعكاسها على قماش اللوحة، ورواية تختمر في المرسم على إيقاع الحلم وتبدلاته.
المرسم في قاموس إسماعيل الرفاعي هو الكّوة التي نتعرف من خلالها على العالم الداخلي، وهو الملاذ والموئل، هكذا وصفه بدايةً، وقال: أما التعبير الأقرب لشعوري، فيعود لأحد الأصدقاء حيث وصف مرسمه بأنه سرة الكون.
وأشار إلى أنه يمضي معظم وقته في المرسم، إن كان بغرض الرسم أو الكتابة أو التأمل والتفكير، أو للقاء الأصدقاء.
وعن العلاقة بين الشعر واللوحة، تلك التي تمعّن في تشعباتها متنقلاً بين حالته الشعرية والفنية، ملاحقاً دلالات الإلهام أينما حلّت، قال: الإلهام يوازي القدرة على الخلق، والقدرة على التلقي، وأعتقد أن الإلهام له علاقة بقدرتنا على الغوص في عوالمنا الداخلية واكتشافها.
وبالحديث عن غياب شخوص الرفاعي التي لازمت لوحاته لسنوات طويلة، ليحل محلها بورتريه لشجرة بيت الشامسي، أو جزء من مركب، قال: عادة لا يكون لدي مخطط للعمل فتراكم الحدث هو الذي يشبع التجربة، ومشروع الشجرة كان تكريماً لها، لأني رأيت بها حالة أيقونية عايشت الحراك الفني في منطقة الفنون في الشارقة على مدى سنوات طويلة، والأمر ذاته ينطبق على المراكب التي كنت أراها قبالة المرسم، فأردت أن أختبر هذه التجربة الجمالية، والتي كانت أشبه بفسحة بالنسبة لي، بعد الجهد الروحي والنفسي الذي كنت أعايشه سواء في تجربة "سلسلة المسيح" أم في أعمالي الأخرى، والتي تحمل ثقلاً وجدانياً فيه محاكاة للمعاناة التي نعيشها في عالمنا اليوم.
في النهاية أوضح الرفاعي أن فكرة الإقلال بالمعارض تعود إلى مفهومه الخاص عن الغاية من العرض، والتي يلخصها باختمار التجربة والجديد الذي يقدمه الفنان، ويقول: قبل كوفيد عام 2020 كان عندي معرض بعنوان "إبداءات صامتة" حاولت أن ألخص فيه كل الحوار الداخلي الذي يعيشه الفنان، وبعدها دخل العالم كله في حالة سكون، بسبب الجائحة التي خرجت منها بتجربة "شجرة بيت الشامسي" وشاركت بعدها بالعديد من المعارض، وأقمت معرضاً قبل أشهر في غاليري المرخية في قطر.
وأضاف: لست معنياً بالتسويق، ما يعنيني هو القيمة فيما أقدمه، وأن أكون راضياً عنه.