ينتظر المسلمون في شهر رمضان المبارك، ليلة القدر، والتي اختص الله عز وجل أن تكون في شهر الصيام، ولأهميتها العظيمة أنزل فيها سورة كاملة باسمها (سورة القدر)، لتكون خيرا من ألف شهر.
يطرح الكثير من المسلمين سؤالا حول سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم، وحسب تفسيرات العلماء؛ فإن سبب التسمية يعود لأنها ذات قدر لنزول القرآن فيها أو لما يقع فيها من تنزل الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، أو أن الذي يحييها يصبح ذا قدر كبير.
كما قيل إنه يُقدَّر فيها أحكام تلك السنة؛ لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
وقال العلماء: سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار؛ لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)، ويقول ابن عباس في قوله تعالى: يكتب من أم الكتاب ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحاجّ، وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، والله أعلم.
أخفى الله تعالى هذه الليلة الفضيلة عن عباده لحكم، حتى يجتهد العباد في تحريها في كل الليالي العشر، ولا يقتصر اجتهادهم على ليلة واحدة.
ومع أن ليلة القدر أخفيت عن المسلمين، غير أنه جاء فيها بعض العلامات، وهي أعظم بشارة لمن اجتهد فيها بالعبادة أنه وافق فيها هذه الليلة العظيمة، ولا ينبغي أن يجزم المؤمن بليلة بعينها أنها ليلة القدر.
لليلة القدر علامات يراها من شاء الله من عباده في كل سنة من رمضان، لأن الأحاديث وأخبار الصالحين ورواياتهم تظاهرت عليها، فمنها:
1- الطمأنينة والسكينة التي تنزل بها الملائكة، فيحس الإنسان بطمأنينة القلب، ويجد من انشراح الصدر ولذة العبادة في هذه الليلة ما لا يجده في غيره.
2- الجو معتدل والريح ساكنة؛ إذ قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة القدر ليلة سمحة، طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء".
3- قد يراها الإنسان في منامه، كما حصل لبعض الصحابة.
1- أن تطلع الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها، فعن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها، كأنها طست، حتى ترتفع".
2- ومنها ما ورد من قول ابن مسعود رضي الله عنه "أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة ليلة القدر".
تُعَدّ ليلة القدر أهم ليلة في شهر رمضان؛ ويعود سبب تميُّزها إلى كونها الليلة التي أنزل الله فيها القرآن على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إضافة لفضل عظيم وأجر كبير لمن يُقبل فيها بالعبادة والطاعة لله.
يجب على المسلم الاستعداد لإحيائها منذ الفجر.
الحرص على الصدقة فيها.
محاولة تفطير صائم.
الإكثار من الدعاء وقت إفطاره.
يجب الحرص على السُّنَن الرواتب؛ كترديد الأذان وراء المُؤذّن، والدعاء بعد الأذان، وكثرة ذِكر الله -سبحانه وتعالى- فيها.
يجب التعجيل في الفِطر.
قراءة القرآن، حيث يستحَبّ الإكثار من قراءة القرآن، ومن كان قادراً على ختم القرآن كاملاً أن يختمه في ليلة القدر.
الدعاء والذكر علّم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عائشةَ -رضي الله عنها- دعاءً تدعوه في ليلة القدر إذا عَرَفتها، وهو: (اللهمَّ إنك عفوٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني).
وبَشّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مَن قامها؛ إيماناً بالله، واحتساباً للأجر، وطمعاً بالمغفرة، والأفضل أن يقتدي المسلم في القيام بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فيُصلّي إحدى عشرة ركعة؛ يُصلّيها ركعتَين ركعتَين، ثمّ يُوتِر بركعة، ولا حرج في الزيادة.
ختامًا، تحمل ليلة القدر العديد من الفضائل والأجر العظيم، وتشكل فرصة لا تعوض لطلب الرحمة والمغفرة من الله تعالى. لذا، ينبغي علينا استغلال هذه الفرصة بالعبادة والدعاء، والتوجه إلى الله بقلوب مخلصة.