المخلوقات الصغيرة اللطيفة.. لماذا هي جوهرية في حياتنا؟

منوعات
وسام صالح
17 مارس 2023,6:30 ص

من منا لا يستوقفه وجه طفل بريء؟ ما هو العامل المشترك بين طفلة صغيرة وقطة صغيرة؟ كلاهما رائع، وفي معظم الأحيان يصنع  لدينا استجابات عاطفية ثرية تختلف من شخص لآخر لكنها في النهاية جوهرية في حياتنا ونراها في تعابير وجوهنا.

 في سلسلة من الدراسات، عرضها موقع "سايكولوجي توداي"، درس الباحثون ما إذا كنا نستجيب للأشياء الصغيرة اللطيفة، وكيف نستجيب لها. وقد وجدوا أنه عندما عُرضت مقاطع فيديو لأطفال لطيفين أو حيوانات صغار، فإن من شاهدوها كانوا يميلون تلقائيا إلى تكوين تعبيرات للوجه تختلف عن تلك المرتبطة بالعواطف الإيجابية الأخرى.

ووجد الباحثون أيضا عندما يقوم شخص برسم هذه التعبيرات على الوجه، فإنه من السهل جدا بالنسبة للآخرين التخمين أنهم كانوا يتفاعلون مع شيء لطيف.

ووجدوا أيضا أن الأشخاص من المجموعات الثقافية المختلفة، بما في ذلك أشخاص من الولايات المتحدة وشرق آسيا والشرق الأوسط، يمكنهم اكتشاف هذا التعبير بدقة وتمييزه عن تعبيرات الوجه المصاحبة للمشاعر الإيجابية الأخرى. كل هذه الاستنتاجات مجتمعة، تشير إلى أن هذه الكائنات اللطيفة تولّد استجابة عاطفية مميزة فينا.

 

"كلما كانت صفات الطفولة أشد وضوحا كلما كانت الجاذبية أقوى، سواء في الطفل أو الجرو".
الباحثون

ما الذي يجعل "شيئا" ما جذابا ولطيفا؟

بالاعتماد على دراسة قديمة، يخبرنا الباحثون أن "ملامح ناعمة، وأنف صغير، وفم مغلق بإحكام، وجبهة عالية، ووجنتان ممتلئتان، وعينان واسعتان، وأطراف قصيرة وممتلئة، وحركة جسد غير متوازنة؛ كلها ميزات تقودنا إلى إدراك أن مخلوقا ما لطيف. لذلك؛ إذا فكرنا في الأطفال الحديثي الولادة، والأطفال الصغار، والجراء، والقطط الصغيرة، وحتى صغار اليودا في فيلم حرب النجوم، بدأنا في رؤية نمط الصغير اللطيف والجذاب. فجميع من سبق ذكرهم يمتلكون ما يوصف سيكولوجيا بأنه "نسخة الطفولة"، وكلما كانت صفات الطفولة أشد وضوحا كلما كانت الجاذبية أقوى، سواء في الطفل أو الجرو، كما تقول الدراسة.

 

لماذا تلك الجاذبية مهمة؟

عندما نجد صغيرا جذابا ولطيفا، فإن ذلك يجعلنا نرغب في مساعدته وحمايته ورعايته. ويبدو أن التطور قد برمجنا على الاستجابة بهذه الطرق. ويعود ذلك على الأرجح إلى أنه يزيد من احتمالات بقاء أطفالنا على قيد الحياة؛ وبالتالي يستمرون في نقل جيناتنا.

في الواقع، قد نفكر في أن تلك الجاذبية هي نوع من القوة الخارقة التي يمتلكها الأطفال، قوة تضمن لهم الحصول على الحماية والغذاء والموارد الأخرى من مقدمي الرعاية.

 

 جزء من نظام الرعاية الأبوي

هذه الاستجابة للطف هي جزء من مجموعة أوسع من الميول النفسية والسلوكية التي يطلق عليها اسم نظام الرعاية الأبوي. ومن المثير للاهتمام، أن الأبحاث التي شملت أكثر من 15 ألف شخص في 42 مجتمعا وجدت أن هذه الاستجابة تعد أحد أقوى الدوافع التى يمتلكها الناس. فهو أقوى من الدافع لتجنب الأمراض المعدية، أو الرغبة في مكانة رفيعة، وأثناء الوباء، تبين أنه أقوى بالفعل.

بالإضافة إلى ذلك الدافع لرعاية وحماية أولئك الذين نجدهم لطيفين، فإن هذه المشاعر تجعلنا أيضا نتجنب المخاطرة، ونقلل من ثقتنا في الغرباء، وتجعلنا أقل اهتماما بالبحث عن العلاقات العابرة. ويمكن القول إن كل هذه الآثار النفسية تزيد من احتمالات أننا سنعتني بالأطفال ونحافظ على سلامتهم.

ويبدو أن دافع رعاية الأبوية هذا يؤثر أيضا على تفضيلاتنا السياسية؛ ففي بلدان عديدة، من أستراليا إلى لبنان، وجدت دراسة حديثة أنه كلما كان هذا الدافع أقوى لدى الأشخاص، كلما كانوا أكثر تحفظا من الناحية السياسية.

أخيرا؛ في المرة القادمة التي تصادفين فيها رضيعا رائعا، أو جروا لطيفا، وبصرف النظر عن الشعور الحلو الدافئ الذي يمنحك إياه، فإنك على الأرجح- كما تقول الدراسة- ستواجهين تحولا رائعا في طريقة إدراكك للآخرين وللعالم من حولك.

 

google-banner
foochia-logo