شهدت السنوات الأخيرة ازدهاراً في السينما المصرية والعربية؛ إذ تناولت العديد من الأفلام موضوعات مهمة تتعلق بالمرض الجسدي والتمييز الاجتماعي؛ ما أسهم في تسليط الضوء على قضايا إنسانية حساسة ومعاناة أصحابها.
كان آخر هذه الأفلام فيلم "ضي"، الذي عرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أفلام أخرى مثل: "ألبينو"، و"يوم الدين" و"أسماء"، التي لاقت إشادة من الجمهور والنقاد في مختلف المهرجانات السينمائية.
فيلم "ضي" هو أحدث الأعمال السينمائية التي تناولت التمييز الاجتماعي الناتج عن الأمراض الجسدية. يعرض الفيلم قصة الطفل النوبي "ضي"، الذي يعاني مرض المهق، وهو مرض يسبب تغيرات في لون البشرة والشعر.
يعيش ضي في مجتمع يعاني فيه من التنمر بسبب ملامحه الخاصة، لكنه لا ييأس ويطمح لتحقيق حلمه في الغناء، متأثراً بمطربه المفضل محمد منير.
يواجه ضي تحديات عدة، منها تنمر المحيطين به وتخلي والده عنه؛ ما يدفعه للقيام برحلة محفوفة بالمخاطر مع عائلته من أسوان إلى القاهرة لخوض تجربة أداء في برنامج "ذا فويس".
فيلم "ضي" من تأليف هيثم دبور وإخراج كريم الشناوي، عرض في حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي، ولاقى إشادة واسعة.
تناولت السينما القصيرة في فيلم "ألبينو" معاناة الأفراد المصابين بالبرص الجلدي، المعروف باسم "ألبينو". عرض الفيلم في مهرجان مدريد السينمائي الدولي في دورته الرابعة عشرة في فئة الأفلام القصيرة.
وركز على بطل العمل الذي يعاني التنمر طوال حياته. الفيلم يعكس محاولات الأب لحماية ابنته الوحيدة من هذا التمييز، ويعرض كيف أن الابنة، رغم التمييز المحيط بها، تُرَبّى لتشعر بأنها استثنائية، ويراها والدها أميرة. يهدف الفيلم إلى إبراز نظرة جديدة تجاه المصابين بمرض "الألبينو" وكيفية التعامل معهم في المجتمعات المختلفة.
فيلم "يوم الدين" هو أول فيلم روائي مصري يتناول موضوع مرض الجذام، الذي يعاني أصحابه من التمييز المجتمعي والانعزال. الفيلم يعكس معاناة بطل العمل "بشاي"، وهو رجل شفي من مرض الجذام، لكنه لا يزال يحمل آثار المرض على جسده.
يقرر بشاي أن يخرج من مستعمرة الجذام التي عاش فيها طوال حياته للبحث عن جذوره في رحلة عبر مصر. يعكس الفيلم الصعوبات التي يواجهها المرضى في إعادة اندماجهم في المجتمع، كما يصور رحلة اكتشاف الذات في مواجهة التمييز.
فيلم "يوم الدين" حقق نجاحاً كبيراً في مهرجان كان السينمائي، حيث تم ترشيحه لجائزة السعفة الذهبية، كما حصد جائزتين في مهرجان الجونة: أفضل فيلم روائي عربي وأفضل فيلم سينما من أجل الإنسانية.
فيلم "أسماء"، الذي أخرجه عمرو سلامة، يناقش قضية مرض الإيدز وكيفية تعامل المجتمع مع المصابين به.
يعرض الفيلم قصة "أسماء"، التي تجسدها الممثلة التونسية هند صبري، وتتناول من خلالها المعاناة النفسية والاجتماعية التي تواجهها المصابة بالإيدز، لا سيما في ظل نظرة المجتمع السلبية.
الفيلم يروي كيف تتعامل أسماء مع اكتشاف ابنتها لحالتها الصحية، وتعرض القصة تطورات حياتها بعد ظهورها في برنامج تلفزيوني.
رغم الظروف الصعبة التي كانت تحيط بإنتاج الفيلم في مصر، إلا أن "أسماء" لاقى إشادة في مهرجانات مثل مهرجان لندن ووهران وأبوظبي، وحصد جائزتين في مهرجان وهران. يعد "أسماء" مغامرة سينمائية جريئة تسلط الضوء على تجارب إنسانية صعبة وتحديات المرض.
تمثل هذه الأفلام مثالاً قوياً على قدرة السينما في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية، مثل التمييز بسبب الأمراض الجسدية والاجتماعية، كل فيلم من هذه الأفلام يقدم لنا رؤية مختلفة عن معاناة الأفراد وتحدياتهم في مواجهة المجتمع، ويعكس أهمية التوعية بمثل هذه القضايا من خلال الفن السابع؛ ما يساهم في تغيير الأفكار والنظرات السلبية نحو أصحاب هذه الأمراض.