في قلب الريف الياباني، تعاني قرية "إيتشينونو" من صمت مخيف، حيث غاب صوت الضحكات والألعاب التي كانت تملأ أرجاءها بسبب انخفاض عدد السكان، خاصة الأطفال، حيث لا يوجد في القرية سوى طفل واحد.
هذه الظاهرة ليست فريدة من نوعها، إذ تواجه العديد من القرى اليابانية مشكلة تناقص السكان؛ بسبب الهجرة المستمرة للشباب نحو المدن الكبرى بحثًا عن فرص أفضل.
وفي محاولة لاستعادة روح الحياة التي فقدتها القرية مع هجرة شبابها، لجأ السكان إلى حلٍ غير تقليدي لإحياء الحياة في قريتهم، وبدؤوا في تزيين الشوارع والأزقة بدمى واقعية بالحجم الطبيعي، وفقًا لما نقلته وكالة "فرانس برس".
تقف الدمى في قرية "إيتشينونو"، منتشرة في مختلف أنحاء المكان؛ بعضها يجلس على المراجيح، والبعض الآخر يركب الدراجات، وكأنها تحاول استعادة أيام مضت كانت مليئة بالضحك والأصوات.
في حديثٍ مؤثر، عبرت هيسايو يامازاكي، إحدى قدامى سكان قرية "إيتشينونو" التي تبلغ من العمر 88 عامًا، عن أسفها لما آلت إليه حال القرية، قائلةً لوكالة "فرانس برس" بحسرة: كنا نشجع أبناءنا على المغادرة، ظننا أننا بذلك نضمن لهم مستقبلاً أفضل. لكننا لم نكن نتوقع أن نصل إلى هذه النقطة، حيث يصبح الصمت هو السمة الغالبة على حياتنا.
وأضافت يامازاكي أن كبار السن في القرية كانوا يعتقدون أنه من الأفضل أن يلتحق أبناؤهم بالجامعات في المدن الكبرى بدلاً من البقاء في هذه القرية النائية، وقالت: كنا نخشى أن يصبحوا غير مرغوب فيهم إذا بقوا في مكان معزول مثل هذا. لذا؛ رحلوا ولم يعودوا أبدًا، ووجدوا وظائف في أماكن أخرى. والآن ندفع ثمن ذلك.
وقد تعهد رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا، الذي انتُخب في الأول من أكتوبر، بالعمل على تعزيز المناطق الريفية، حيث إن قرية إيتشينونو هي واحدة من أكثر من 20 ألف مجتمع في اليابان، حيث يشكل كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا غالبية السكان.
تقع قرية إيتشينونو الصغيرة على بعد ساعة شمال غرب كيوتو، ويبلغ عدد سكانها أقل من 60 نسمة، حيث لا يوجد فيها سوى طفل واحد. وتعتبر هذه القرية نموذجًا صغيراً لمشكلة أكبر تواجه اليابان، حيث يعيش أكثر من 20 ألف مجتمع حالة مماثلة، مع غالبية سكان تتجاوز أعمارهم 65 عامًا.
وتعهدت الحكومة اليابانية، في إطار سياستها لدعم المناطق الريفية، بتقديم المساعدة اللازمة لمجتمعات مثل إيشينونو.
يُذكر أن اليابان هي ثاني دولة في العالم من حيث متوسط العمر، بعد موناكو، وهو ما يعكس الانخفاض الملحوظ في عدد السكان الشباب وارتفاع نسبة كبار السن، مما يزيد من تعقيد المشكلة السكانية في البلاد.