في مشهد لا يشبه أي جنازة مألوفة، اجتمع الحاضرون في وداع المنتج الفني الإيفواري الشهير جروس بيديل ليشهدوا أحد أغرب الطقوس التي يمكن أن تراها في جنازة.
لم يكن بيديل مسجى في نعشه كالمعتاد، بل كان جالسًا بكامل أناقته، يرتدي الزي التقليدي الأفريقي، ممسكًا بميكروفون في يد وعصاه الشهيرة في اليد الأخرى، حيث بدا وكأنه حاضر بالفعل، يتابع مراسم وداعه بنفسه، ويحيّي معجبيه وأصدقاءه.
قررت عائلة المتوفَّى أن تكون جنازته حدثًا فريدًا يستمر لأكثر من 10 أيام؛ ما يتيح لكل محبيه وأصدقائه فرصة لتوديعه بطريقة تتماشى مع التقاليد المحلية.
مثل هذه الطقوس ليست غريبة على دول غرب أفريقيا، تحديدًا غانا وساحل العاج، حيث يُحتفى بالموتى بأسلوب يربط بين الحياة والموت، ويعكس احترامًا عميقًا للراحلين.
في تلك الطقوس، يُخرج المتوفى من النعش، ويُجلس بطريقة تجعله يبدو كما لو كان ما زال حيًّا بين أهله وأصدقائه.
يرتدي الميت أفضل ما يملك من الملابس، وتُجهز له ديكورات تعكس حياته وإنجازاته. في حالة جروس بيديل، الذي ترك بصمة لا تُنسى في عالم الفن الإيفواري، كانت جنازته تجسيدًا لفنه وحياته الحافلة بالإبداع.
انتشرت صور جنازة جروس بيديل بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار ردود فعل متباينة. البعض اعتبر أن هذه التقاليد تمثل جزءًا من التراث الأفريقي الغني، الذي يجب احترامه وفهمه في سياق ثقافي وتاريخي أعمق.
في المقابل، وجد البعض الآخر صعوبة في تقبل هذا الأسلوب في الاحتفاء بالميت، معتبرين أن المشاهد كانت غريبة ومخيفة بعض الشيء. وبين مؤيد ومعارض، بقي النقاش محتدماً حول مدى ضرورة الحفاظ على مثل هذه الطقوس أو تعديلها لتتلاءم مع التطورات الثقافية الحديثة.
بعيدًا عن الجدل، يذكر أن جروس بيديل كرس حياته لدعم الفنانين واكتشاف المواهب، وأسّس العديد من المبادرات الفنية والثقافية التي أسهمت في ازدهار المشهد الفني في المنطقة. كان له دور كبير في إنجاح العديد من المعارض الفنية والحفلات الموسيقية، وبفضل مؤسساته، أصبح للفنانين المحليين فرصة للتعبير عن أنفسهم وإبراز موهبتهم للعالم.