مع التقدم في العمر، يبدأ البعض يشعر أن الوقت يمر بسرعة أكبر، وأحد التفسيرات الشائعة لذلك أن قدرة الفرد على معالجة المعلومات البصرية تتباطأ مع التقدم في العمر؛ ما يجعل الوقت يبدو وكأنه يتسارع من منظورهم.
وفي حين أن العلم لم يتمكن من إثبات صحة ذلك، قدَّم علماء النفس نظريات وتفسيرات ترتبط بسلسلة من التغيرات البيولوجية والمدخلات البصرية، وهنا نستعرض مجموعة منها.
تجارب أقل
وفقًا لسيندي لوستيج، أستاذة علم النفس في جامعة ميشيغان، فإن الفرد يشعر بأن الوقت يمر بسرعة بسبب حياته الرتيبة والروتينية، وتقول: "عندما نكبر، نميل إلى عيش حياة أكثر تنظيمًا وروتينية مع عدد أقل من الأحداث التي نستخدمها لترميز فترات مختلفة من حياتنا".
وأضافت أن الدماغ يميل لتجميع الأحداث والأمور المتشابهة معًا في مكان واحد، لذلك من الطبيعي أن يشعر شخص كبير في السن بالإحساس بتسارع الوقت نتيجة قيامه بذات الأمور بشكل يومي؛ لأن الأحداث بأكملها في السنة تجمع في جزء صغير جدا من الدماغ.
بينما الشخص الذي يمضي يومه بالقيام بتجارب حياتية متنوعة، يعمل حينها الدماغ على ترميزها في الذاكرة وحال استدعائها في وقت لاحق تبدو وكأنها فترة زمنية طويلة.
وتقول: "بالنسبة لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات، فإن التجارب التي يحظى بها في العام الواحد تمثل نسبة 20% من اكتشافه للعالم من حوله. ومع ذلك، فإن نفس القدر من الوقت يمثل 2% فقط من حياة شخص يبلغ من العمر 50 عامًا، والذي من المحتمل أن تكون لديه تجارب جديدة أقل".
وبالنظر إلى أن العقل البشري مصمم لمعالجة الوقت باستخدام الأحداث التي لا يمكن نسيانها، فإنه يصبح تحديًا مع تقدمنا في السن؛ لأن هذه الأحداث تصبح أقل تكرارًا.
وأوضح أدريان بيجان، أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة ديوك، أن أدمغتنا مصممة لتسجيل التغيُّرات، إذ تساهم التجارب العديدة التي يقوم بها الفرد خلال يومه من تعلم لغة جديدة أو ممارسة هواية معينة يحبها، إلى تعزيز فكرة أن الوقت أكثر وفرة ، لذلك حين النظر إلى الوراء قد يبدو الوقت أبطأ.
شيخوخة الدماغ
نظرية أخرى حاولت تفسير سبب مرور الوقت بسرعة، اقترحها أدريان بيجان في دراسته المنشورة عام 2019، إذ أشار إلى أن شيخوخة الدماغ هي السبب وراء تغير إدراكنا للوقت.
ويعتقد أننا كنا قادرين على استيعاب المعلومات الجديدة بشكل أسرع عندما كنا صغارا؛ ما يسمح للدماغ بمعالجة المزيد خلال نفس الفترة، وهذا يجعل الأيام تبدو أطول مما قد تكون عليه لاحقًا.
الساعة الداخلية للدماغ
يُشار إلى أن "وقت الساعة" القابل للقياس ليس هو نفس الوقت الذي يدركه العقل البشري، إذ أوضح بيجان في دراسته أن "الساعة الداخلية للدماغ" عبارة عن سلسلة من الصور، أي انعكاسات الطبيعة التي تغذيها المحفزات من الأعضاء الحسية.
ومع تقدم العمر، تتدهور السمات العصبية الرئيسية للدماغ؛ ما يجبرنا على اكتساب المعلومات الجديدة ومعالجتها بشكل أبطأ.
وأضاف: "معدل إدراك التغيرات في الصور الذهنية يتناقص مع تقدم العمر بسبب العديد من السمات الجسدية التي تتغير مع تقدم العمر: التحفيز البصري، ووزن الجسم، وما إلى ذلك".
في حين تكثر النظريات، فإن لغز إدراك الوقت لا يزال يأسرنا. وإلى أن نتمكن من تحديد الأسباب التي تحركه علميًا، فمن الآمن أن نقول إنه يمر بنفس المعدل كما هو الحال دائمًا.