القلق، الخوف، الألم وفقدان الأمل، كلها عوامل تشير إلى خلل في الصحة النفسية التي كلما ساءت، غرق الفرد بالاكتئاب، الأمر الذي يمكن أن يؤدي به إلى عواقب وخيمة من بينها الانتحار.
وفي اليوم العالمي لمنع الانتحار الذي يصادف اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر/ أيلول، تصف منظمة الصحة العالمية الانتحار بأنه "مشكلة رئيسة من مشاكل الصحة العامة، تترتب عليها عواقب اجتماعية وانفعالية واقتصادية بعيدة المدى".
أما مركز جيفرسون للصحة العقلية، فيعتبر بأن "معظم الناس الذين يفكرون بالانتحار.. لا يريدون فعلياً إنهاء حياتهم، بل يريدون فقط الراحة من الألم العاطفي الشديد الذي يعانونه".
وفي اليوم العالمي لمنع الانتحار، يقوم العديد من المنظمات والجمعيات بإطلاق حملات مختلفة من أجل مساعدة الأشخاص الذين يفكرون بالانتحار.
لطالما كان مفهوم الاكتئاب أو اليأس بالنسبة لنا، ينطبق على الأشخاص الذين تظهر عليهم علامات اليأس والإحباط، لكننا لا نعتقد أن شخصيات شهيرة تملك المال والنفوذ والشهرة، يمكن أن تُقدِم على الانتحار.
لم تمنع الشهرة والمال وحتى الكوميديا وحس الفكاهة عند البعض من الإقدام على الانتحار، إذ دائماً ما تتكرر على مسامعنا عبارات، مثل: هذا الشخص لا يمكن أن يُقدم على الانتحار! أي أنه لا يوجد علامات تشير إلى أن هؤلاء يفكرون بإنهاء حياتهم.
شهد عالم المشاهير حالات عديدة من الانتحار لفنانين كانوا في ذروة النجاح، بل وكانوا مصدراً للسعادة والفرح عند جمهورهم، إلا أنهم خلف الأبواب المغلقة كانوا يعانون الاكتئاب، ويتناولون الحبوب المهدئة حتى وصل ببعضهم الأمر إلى الانسحاب من الحياة، ووضع حد للألم الذي يعيشونه بمفردهم، عبر الانتحار.
شخصيات كثيرة شكلّ انتحارها صدمةً عند الجمهور، ولا سيما تلك التي تتحلى بحس الفكاهة، مثل الممثل الكوميدي روبن ويليامز.
توفي الممثل والكوميدي الأميركي روبن ويليامز Robin Williams في 11 أغسطس/ آب من عام 2014. روبن الذي عرفه الجمهور على الشاشة منذ سبعينيات القرن الماضي، قرر أن ينهي حياته في منزله في تيبورون، كاليفورنيا عن 63 عاماً.
يعتبر روبن أحد أعظم الممثلين الكوميديين في عصره، أصيب بمرض "خرف أجسام ليوي" وهو مرض يصيب خلايا الدماغ المسؤولة عن التفكير والسلوك والحركة، أدى إلى إصابته باكتئاب شديد بعد سنوات من ظهوره، ولكن لم يُكْتَشَف إلا بعد موته وتشريح الجثة.
كان روبن بدأ ينسى عباراته خلال التصوير قبل أشهر من وفاته؛ ما جعله يعاني القلق والتشكيك بقدراته وأدائه، الأمر الذي كان مدمراً له وفق ما ذكرت زوجته سوزان في وثائقي "أمنية روبن" Robin’s Wish.
في لقاء لها مع مجلة "يو أس أي توداي"، لفتت سوزان إلى أن "دماغ روبن كان متضرراً للغاية، وقد حاول إنهاء المرض، لكنه لم يعلم أنه سينتهي أيضاً".
داليدا، اسم يتبادر إلى الأذهان كلما ذكرنا مصر. رغم أنها إيطالية فرنسية، فإنها وُلدت في مصر، وقدمت أغنية "حلوة يا بلدي" التي نالت شهرة واسعة. استطاعت داليدا بلغات مختلفة كانت تتقنها جميعها: (الإنكليزية، الإيطالية، الفرنسية والعربية)، أن تصل إلى العالم، ولا تزال أغنياتها تُذاع ويستمع لها مختلف الأجيال.
النجاح لم يستطع اختراق جدار الاكتئاب الذي شُيّد بسبب حياتها الشخصية، إذ مرت بسلسلة علاقات عاطفية فاشلة. أقدمت داليدا على الانتحار أكثر من مرة، المحاولة الأولى كانت في العام 1967.
حالات الانتحار التي عايشتها مع أشخاص ارتبطت بهم، دفعتها ثانيةً إلى الإقدام على الانتحار بجرعة زائدة من دواء الباربيتورات، وذلك في شهر مايو/ أيار 1987 في منزلها في مونمارتر في باريس، وقد تركت رسالة كتبت فيها "الحياة لا تُطاق بالنسبة لي. سامحوني".
رغم أنها لم تتجاوز سن الـ36، لكن حياة مارلين مونرو كانت حافلة بالنجاحات وكذلك بالمعاناة، لم تكن بداياتها سهلة على الصعيدين الشخصي أو المهني.
مارلين حاولت أن تعزل نفسها عن العالم، فأقدمت على الانتحار، إذ "عُثر عليها جثة هامدة في سريرها في منزلها في برينتوود بعد تناولها جرعة زائدة من الحبوب المنومة. وكانت الشرطة وجدت إلى جانب سريرها زجاجة فارغة كانت تحتوي على 50 حبة دواء قبل أيام"، وفق ما ذكرت مجلة فارييتي في أغسطس/ آب من العام 1962.
رغم مرور عشرات السنين على وفاتها، فإن شهرة مارلين مونرو لا تزال مستمرة، وقد تم إنتاج فيلم Blonde الذي يكشف أسراراً من حياة مونرو.
لا تزال ظروف وفاة "سندريلا الشاشة" سعاد حسني غامضة، هي التي توفيت عام 2001 في شقتها بلندن. روايات عدة تناولت طبيعة وفاتها، ومن بينها الانتحار، علماً أن التحقيقات لم تصل إلى نتيجة.
لكن المخرجة المصرية إيناس الدغيدي، صدمت مؤخراً الجمهور بتصريحها لبرنامج "القرار"، والذي تحدثت فيه عن انتحار سندريلا الشاشة، وقالت "سعاد حسني انتحرت وأنا ضد مقولة أن هناك من قتلها؛ لأنها كانت شخصية جميلة من جوا... من كتر الضغط والعمل في الفن، كانت تأخذ مهدئات منذ أن كانت في سن الـ44"، مشيرةً إلى أن هذه المهدئات تؤدي إلى الانتحار، مضيفةً أن الوسط السينمائي كان يتوقع انتحار سعاد حسني وكذلك أحمد زكي، لكن الأخير توفي بسبب المرض.
داني بسترس الراقصة والممثلة اللبنانية، ابنة العائلة الأرستقراطية تحدت عائلتها من أجل الرقص. قدمت عروضاً راقصة، وشاركت في عدد من الأعمال الناجحة مع الموسيقار ملحم بركات وأبرزها مسرحية "ومشيت بطريقي".
نالت شهرةً واسعة، ولكن الشهرة لم تستطع أن تجعلها تتجاوز وفاة ابنها جورج الذي توفي غرقاً في البحر وهو في الـ16 من عمره.
عانت بعدها أزمات مالية، وبعدما اشتدت أزمتها حاولت الانتحار مرتين، لكنها لم تنجح إلا في المرة الثالثة والأخيرة، حيث أنهت حياتها برصاصةٍ أطلقتها على رأسها في منزلها في بيروت في العام 1998.
وكانت إليسا جسّدت قصة داني بسترس في كليب أغنيتها "عكس اللي شايفينها" عام 2017، من إخراج إنجي جمّال.
فينسينت فان جوخ أحد أشهر الرسامين في القرن التاسع عشر، وهو الذي ابتكر خلال مسيرته نحو 2100 عمل فني من بينها نحو 860 لوحة زيتية، أقدم على الانتحار بعد أن عانى الاكتئاب.
كان فان جوخ شخصية غريبة الأطوار، إذ قطع أذنه اليسرى، ومن غير المعروف ما هو السبب الحقيقي الذي دفعه إلى فعل ذلك، ولكن العديد من الخبراء أشاروا إلى أنه أقدم على ذلك بعد مشاجرة حامية مع زميله الفنان بول غوغان. قام بعدها برسم لوحة له بأذن مضمدة، ولكنها كانت الأذن اليمنى؛ لأنه كان ينظر إلى نفسه في المرآة ويرسمها.. عانى خلال حياته من اكتئاب حاد، وانتهى به الأمر إلى أن أقدم على قتل نفسه بطلقة في صدره أدت إلى وفاته في 27 يوليو/تموز 1890.