في السنوات الأخيرة، تصدّرت أدوية مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي" عناوين الأخبار بقدرتها المذهلة على إنقاص الوزن، حيث تُحدث هذه العقاقير تأثيرًا في الجسم يُشبه الشعور بالشبع الطبيعي.
ولكن ماذا لو كان هناك طريقة أكثر طبيعية لتحقيق نفس النتيجة؟
يبدو أن الإجابة قد تكون مختبئة في أمعائك. حيث يعمل "أوزمبيك" عن طريق محاكاة تأثير هرمون GLP-1، وهو المسؤول عن إرسال إشارات الشبع إلى الدماغ عند تناول الطعام، مما يحدّ من الشهية ويبطئ عملية الهضم.
في الأصل، صُممت هذه الأدوية لعلاج مرضى السكري من النوع الثاني عبر تحفيز إفراز الأنسولين، لكن فائدتها الكبرى في فقدان الوزن جعلت منها صناعة بمليارات الدولارات.
تشير الأبحاث الحديثة إلى وجود علاقة وثيقة بين صحة الأمعاء والحالة المزاجية.
فوفقًا لدراسات علمية، هناك ارتباط بين السمنة والسكري من جهة، والاكتئاب والقلق من جهة أخرى.
ويعود جزء من هذا الارتباط إلى تركيبة الميكروبيوم، وهي مستعمرات البكتيريا التي تعيش في الأمعاء وتؤثر في عمليات الهضم والمزاج وحتى القرارات الغذائية.
من المثير للاهتمام أن بعض أنواع البكتيريا المفيدة في الأمعاء، والمعروفة باسم "البروبيوتيك النفسية"، تعمل على تعزيز إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة مثل البوتيرات، التي تلعب دورًا في تحسين صحة الأمعاء والحد من التهاباتها، بل وتساعد في تقليل أعراض القلق والاكتئاب.
وقد كشفت دراسات عديدة أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة أو السكري لديهم مستويات أقل من هذه البكتيريا المفيدة.
في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature، كشف باحثون من جامعة جيانغنان في الصين عن نوع من البكتيريا يُدعى Bacteroides vulgatus، قادر على تحفيز إنتاج هرمون GLP-1 بشكل طبيعي.
هذه البكتيريا تتغذى على الألياف الغذائية مثل البكتين، والأنولين، والنشويات المقاومة، وتنتج بدورها فيتامين B5 (حمض البانتوثنيك)، الذي يحفّز الجسم على إفراز هرمون الشبع نفسه الذي تحاكيه أدوية التخسيس الشهيرة.
بمعنى آخر، يمكن أن تساعدك هذه البكتيريا على تقليل شهيتك والتحكم في وزنك دون الحاجة إلى أدوية، فقط من خلال تحسين النظام الغذائي وتعزيز نمو هذه الميكروبات المفيدة داخل أمعائك.
لتحفيز B. vulgatus في أمعائك وتعزيز قدرتها على إفراز GLP-1، يوصي الخبراء باتباع نظام غذائي غني بالألياف، يشمل:
في حين أن أدوية التخسيس مثل "أوزمبيك" قدّمت حلولًا سريعة وفعالة لفقدان الوزن، إلا أن البحث عن بدائل طبيعية ومستدامة لا يزال قائمًا.
وإذا كانت ميكروبات الأمعاء قادرة على تحقيق نفس التأثير عبر اتباع نظام غذائي متوازن، فقد يكون الحل الحقيقي لإنقاص الوزن أقرب مما نعتقد – في أطباقنا اليومية وليس في علب الأدوية.
الطبيعة قدّمت لنا الأدوات اللازمة للحفاظ على صحة أجسادنا، ويبقى القرار في أيدينا لاستثمار هذه الهبة الطبيعية.