تختلف تفضيلات الأفراد عند اختيار وقت العمل أو المذاكرة، فمنهم من يزداد تركيزه في المساء أو في وقت متأخر من الليل، ومنهم من يفضل إنجاز المهام في الصباح الباكر.
وبين هذا وذاك، بدأت تخرج بعض الدراسات والأبحاث التي تربط بين تأثير نمط النوم وبين مخاطر الإصابة بمرض السكري؛ ما جعل كثيرين يراجعون حساباتهم مرة أخرى.
وبينما وجد الباحثون أن الوراثة قد يكون لها دور في ذلك، لكنهم أوضحوا أن هذا لا يعني أن الإنسان سيبقى مرتبطا بما وجد نفسه عليه وراثيا، إذ إن كل شيء قابل للتغيير.
ونقل موقع "لايف ساينس" عن باحثين قولهم إنه يبقى بمقدورك اتخاذ الخيارات التي تساعدك على تعديل دورة نومك واستيقاظك، كما تبديل نشاطاتك المسائية المعتادة، مثل الذهاب للجيم أو مقابلة الأصدقاء، لتكون في أوقات مبكرة، لو كنت تحاولين أن تكوني أكثر إنتاجية في الصباح.
ولحسن الحظ أنك لو كنت بطبيعتك شخصية محبة للسهر أو لا تنامين إلا في وقت متأخر، فإن إقدامك على تغيير ذلك قد يصب في صالحك بالفعل، وذلك لأن محبي السهر يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدد من المشكلات الصحية المزمنة، التي من ضمنها السكري من النوع الثاني، طبقا لنتائج دراسة نشرت نتائجها عام 2022 في مجلة علم وظائف الأعضاء التجريبي.
والسبب هو أن النمط المزمن المرتبط بالسهر حتى وقت متأخر من الليل يؤثر على التمثيل الغذائي، ويحد من حصيلة النشاط ومستوى اللياقة، وهو ما يُعتَقد أنه يُزِيد من خطر الإصابة بالسكري.
وجد الباحثون في الدراسة نفسها أن إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، وهو دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية لدينا، يؤثر على الطريقة التي يُحَوِّل بها الجسم السكريات والكربوهيدرات إلى جلوكوز، نستخدمه فيما بعد من أجل الحصول على الطاقة التي عادة ما نكون بحاجة إليها.
أما من يفضلون السهر حتى وقت متأخر من الليل، على سبيل المثال، فيميلون أكثر لاستخدام الكربوهيدرات في الحصول على ما يلزمهم من طاقة، بينما يفضل محبو الاستيقاظ مبكرا الدهون.
ونتيجة لذلك، تتزايد احتمالات إصابة الأشخاص الذين يحبون السهر بمقاومة الأنسولين، التي تعد من أبرز العوامل التي تتسبب في زيادة خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء البول السكري.
وبالاضافة لذلك، ثبت أن من يفضلون الاستيقاظ في وقت مبكر من الصباح يميلون لأن يكونوا أكثر نشاطا خلال اليوم، بحرقهم مزيدا من الدهون ليس فقط على مدار اليوم، ولكن أيضا أثناء التمارين.
وهو ما قد يمنع تخزين الدهون الذي قد يؤدي بدوره إلى زيادة الوزن، التي تعد هي الأخرى من العوامل التي تتسبب في الإصابة بالعديد من المشكلات المزمنة، التي منها النوع الثاني من السكري.
وفي مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية بهذا الخصوص، أوضح دكتور ستيفن مالين، أحد الباحثين الذين شاركوا في تلك الدراسة، أن واحدة من المشكلات الكبرى التي يواجهها محبو السهر ليلا هي أنهم لا يستطيعون في الغالب الحفاظ على الإيقاع اليومي الطبيعي بالنسبة لهم دون أن يفقدوا النوم، وهو ما يسهم بالتبعية في تعرضهم لبعض المشكلات الصحية.