على عكس ما كان يُعتَقَد في السابق، توصل باحثون لنتائج مفادها أنَّ العرق الذي يفرزه جسم الإنسان عند القيام بأي نشاط بدني أو حركي لا يعمل على إزالة السموم من الجسم، واتضح أن التخلص بشكل حقيقي من السموم يتم عبر أعضاء مختلفة تمامًا.
وبينما ظل القائمون على حمامات البخار، استوديوهات اليوغا الساخنة ونُزُل العرق يروجون لقدرتهم على إزالة السموم من الجسم عبر إفراز العرق، لكن الحقيقة التي خلص إليها الباحثون هي أنَّ ذلك العرق يخرج من الجسم بلا أي موادٍ كيميائيةٍ ضارةٍ تقريبًا، لأنهّ يكون في الغالب عبارةً عن مياه، بالإضافةِ لتركيزاتٍ معينة من الصوديوم، الكلوريد، البوتاسيوم وفي بعض الأحيان بروتينات وأحماض دهنية.
وصحيحٌ أنّه يشمل بعضًا من "السموم"، لكنها كمياتٌ ضئيلة، وهي لا تُقارَن بالكميات التي يخرجها الكبد والكليتان بصورةٍ دائمة من الجسم. وعلَّق على ذلك طبيب الجلدية، تسيبورا شاينهاوس، بقوله: "معظم السموم التي تهم الناس تشمل مبيدات حشرية، بقايا البلاستيك أو السموم التي تنتج عن تلوث الهواء، وهي المواد التي تميل لأن تكون قابلة للذوبان في الدهون، ولا تذوب جيدًا في الماء، لذا لن تزال من الجسم إلّا كمية صغيرة لا تذكر بالنظر إلى أنَّ المياه تشكل 99 % من العرق".
ولمن يتساءل عن السبب وراء الرائحة الكريهة التي تنبعث من العرق عند إفرازه، فقد أوضح الباحثون أنَّ تلك الرائحة لا تنتج عن السموم، وإنّما عن الكيمياء الخاصة بالبشرة، علماً بأنَّ هناك نوعين من الغدد المسؤولة عن إفراز العرق، هما الغدد الصماء والغدد المفرزة.
وتتواجد الغدد الصماء في كافة أنحاء الجسم، وتتمثل مهمة العرق الذي تفرزه في تهدئة وتبريد الجسم عندما يشعر بالسخونة، وعادةً ما يكون هذا العرق بلا رائحة، لكنه قد يتخذ رائحةً غير تقليدية حين تفتته البكتيريا الموجودة على الجلد أو عند تناول أطعمة ٍلاذعة بشكل خاص مثل الثوم أو الملفوف.
أما الغدد المفرزة التي تخرج عرقًا ذا رائحةٍ غير تقليدية بشكلٍ أكبر، والموجودة في المناطق المعروفة بالروائح الكريهة، مثل الإبطين، فهي المسؤولة عن رائحة العرق الإجهادي، ويبدو العرق الذي تفرزه عديم الرائحة، وذلك إلى أن تبدأ مجددًا البكتيريا الموجودة على الجلد في التغذي عليه بعد ذلك.
وبمعنى أصح، يبدأ العرق الذي تفرزه الغدد (بكلا نوعيها) من دون رائحة، وهو ما يحدث في الغالب، ولا تنبعث منه الرائحة الكريهة إلا بعد تفاعله مع البكتيريا الموجودة على الجلد، فهو مجرد مياه، ولا يحتوي على أيِ موادٍ يمكن عدّها سمومًا.
ونبَّه الباحثون في الأخير من فكرة الاعتماد على إفراز العرق للتخلص من سموم الجسم؛ لأنَّ ذلك قد يضر أكثر مما يفيد، فإذا لم يُعَوَّض الجسم بقدر كاف من المياه، فقد يصاب بالجفاف، وهو ما يؤثر بالتبعية على الكليتين ويعيقهما عن القيام بوظائفهما.