عند الحديث عن السياحة، يتبادر إلى الذهن الاسترخاء على شاطئ البحر، والمشي في الطبيعة، وزيارة المواقع الثقافية والأثرية، والمغامرات. ومع ذلك، هناك استثناءات، مثل أولئك الذين يرغبون في زيارة أماكن الحرب والمقابر ومواقع الكوارث، وهو ما يعرف بالسياحة السوداء أو المظلمة.
يستند البعض إلى هذه النوعية من السياحة بدافع الفضول والرغبة في معرفة الواقع الذي شهدوه أو سمعوا عنه في الكتب أو الإعلام أو الأفلام.
على الرغم من أن الاهتمام بزيارة الأماكن المرتبطة تاريخياً بالموت والدمار والكوارث يعود إلى زمن بعيد، إلا أن مصطلح "السياحة السوداء" ظهر لأول مرة في عام 1996 على لسان البروسور الإسكتلندي جون لينون.
تعود جذور هذه الظاهرة إلى القرن السادس عشر في لندن، عندما بدأت الحشود بالتجمع لمشاهدة عمليات الإعدام العلنية.
في المسلسل الوثائقي The Dark Tourist الذي عُرض على "نتفليكس"، يستعرض الصحفي ديفيد فيرير العديد من مواقع السياحة المظلمة الشهيرة، مثل المتاحف التي تعرض رموز الموت أو التعذيب، والأماكن التي شهدت كوارث إنسانية، والنصب التذكارية لضحايا تلك الكوارث.
من أبرز الدوافع وراء اهتمام الناس بهذه السياحة: الفضول وحب المعرفة؛ إذ يسعى الكثيرون للتعرف على هذه الأماكن عن قرب. كما توفر هذه التجربة تواصلًا آمنًا مع الموت؛ ما يجعل الشخص يشعر بنوع من الامتنان لعدم تعرضه لمثل هذه المآسي.
تتنوّع وجهات السياحة المظلمة حول العالم، وباتت تنتشر بشكل أكبر، ومع ذلك يعتبرها البعض شكلاً من أشكال استغلال المآسي والمعاناة الإنسانية. بالإضافة إلى تشكيك البعض ببعض المواقع التي تستخدم لتضليل الحقائق.
من أشهر مواقع السياحة السوداء:
شهدت إحدى أسوأ الكوارث النووية عام 1986. افتُتح الموقع للزوار في عام 2010، وزادت شعبيته بعد عرض مسلسل "تشيرنوبل" في عام 2019.
بعد إلقاء القنبلة النووية على المدينة في عام 1945، أصبحت هيروشيما واحدة من أشهر الوجهات السياحية. يمكن زيارة متحف هيروشيما التذكاري للسلام وقلعة هيروشيما ومعبد ميتاكي ديرا.
كان المقر في الأصل مدرسة ثانوية، ثم تحول إلى سجن حيث اعتُقل آلاف الأبرياء وعُذِّبوا. استخدمت أجسادهم في تجارب طبية.
انفجر عام 79 ميلاديا بركان فيزوف ليقضي على مدينة بومبي الرومانية، وتحجرت جثث أهل المدينة على أوضاعها وكأن الزمن توقف فيها إلى الأبد.
يُعد أكبر معسكرات الاعتقال النازي وأشدها فتكًا. بعد عامين من انتهاء الحرب العالمية الثانية، تحول إلى متحف يزوره ملايين السياح من مختلف أنحاء العالم.