تتجه تونس لتسجيل كتاب "مقدّمة ابن خلدون"، للعلّامة التونسي عبدالرحمن بن خلدون، على لائحة ذاكرة العالم لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وقامت اللجنة الدولية الداعمة لهذه الخطوة بجولة في قلب المدينة العتيقة بتونس العاصمة تحت عنوان "جولة على خطى ابن خلدون"، تفقدت خلالها مجموعة من المعالم التاريخية في قلب المدينة العتيقة.
وكان من بين المعالم التاريخية التي زارتها اللجنة، مكتبة مدينة تونس "دار بن عاشور" ومكتبة الخلدونية، كما توجهت إلى المنزل الذي وُلد فيه ابن خلدون، وترعرع والمدرسة القرآنية التي تلقى فيها تعليمه في طفولته.
وقال عبدالحميد الأرقش، وهو المنسق العام للجنة الدولية لدعم تسجيل المقدمة في سجل "ذاكرة العالم" لليونسكو: "بدأنا أولى الخطوات لتسجيل مقدمة ابن خلدون على لائحة التراث العالمي لليونسكو كتراث إنساني مشترك للبلدان كلها التي ساهمت في إعادة التعريف بابن خلدون، بما فيها بعض الدول الغربية، نذكر من ضمنها المدرسة الاستشراقية الفرنسية والإنجليزية".
وكشف الأرقش في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) أن ابن خلدون كتب "المقدّمة" على مراحل خلال رحلاته بين تونس حيث وُلد ونشأ والجزائر والمغرب ومصر، وأهدى منها نُسخا لأمراء هذه الدول، لذلك ظلّت آثار المقدّمة في عدة أماكن.
وأوضح: "عندما وقع الإقرار بأن ابن خلدون هو الأب العلمي والعقلي لعلم الاجتماع، تفطّن العرب أنهم يمتلكون في تراثهم منابع نهضتهم العلمية".
ولفت الأرقش إلى أنه أعاد إحياء ملف إدراج "مقدمة ابن خلدون" بعد أن تُرك منذ العام 2017، مبينا أن تكوين ملف مشترك يندرج في سياق أن أفكار ابن خلدون موزعة ومتداولة في العالم وهي مدروسة أيضا ومترجمة؛ "لذلك أردناه تراثا عالميا مشتركا وعنوانا من عناوين نقد الواقع الأليم للعولمة العنيفة التي فرّقت الشعوب".
وبحسب عبدالحميد الأرقش، فإن أقدم مخطوط لمقدّمة ابن خلدون يوجد حاليا في تركيا التي استحوذت عليه في أثناء التوسع العثماني في مصر.
كتاب ألفه ابن خلدون سنة 1377م كمقدمة لمؤلفه الضخم الموسوم كتاب العبر (الاسم الكامل للكتاب هو كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر).
واعتبرت المقدمة لاحقًا مؤلفًا منفصلًا ذا طابع موسوعي؛ إذ يتناول فيه جميع ميادين المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب. وشمل أيضًا أحوال البشر واختلافات طبائعهم والبيئة وأثرها في الإنسان.
كما تناول بالدراسة تطور الأمم والشعوب ونشوء الدولة وأسباب انهيارها مُرَكِّزًا في تفسير ذلك على مفهوم العصبية.
بهذا الكتاب سبق ابن خلدون غيره من المفكرين إلى العديد من الآراء والأفكار، حتى اعتبر مُؤَسِّسًا لعلم الاجتماع، سابِقًا بذلك الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت.