تصادف اليوم الذكرى الثانية والتسعين لرحيل "أمير الشعراء" المصري أحمد شوقي، الذي توفي في الرابع عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 1932، قبل يومين من ذكرى ميلاده، بعد أن أثرى الحياة الثقافية والفنية، بمئات دواوين الشعر والمسرحيات والقصائد المغناة.
كان لأحمد شوقي مكانة خاصة لدى كوكب الشرق أم كلثوم، إذ غنت له أكثر ما يقارب عشرة قصائد خلال فترة سطوع نجمها في الفن، وحققا معاً نجاحاً كبيراً خلال فترة العشرينيات وبداية الثلاثينيات، لكن اللافت أن كل هذه القصائد تغنت بها أم كلثوم بعد وفاته، وجميعها من ألحان الموسيقار رياض السنباطي، وكانت أولها قصيدة "الملك بين يديك" عام 1936، وآخرها عام 1965 وهي "إلى عرفات الله".
وكان سبب عدم غناء أم كلثوم من أشعار أحمد شوقي في حياته، على الرغم من علاقتهما الجيدة، هو رعاية "أمير الشعراء" للموسيقار محمد عبد الوهاب، التي كانت "الست" في منافسة علنية معه، واعتبرت شوقي محسوباً على فريق عبد الوهاب الفني.
يحكي الإعلامي المصري الراحل وجدي الحكيم في إحدى حواراته، قصة قصيدة "سلو كؤوس الطلا"، التي كتبها شوقي ولم يعلن عنها، واكتفى بتسليمها باليد لأم كلثوم، لتقوم بغنائها عام 1946، بعد أن طلبت من الشاعر أحمد رامي إجراء تعديلاً طفيفاً في عز البيت الرابع من القصيدة، وكان شوقي قد أبدعه بقوله: "هيفاء كالبان يلتف النسيم بها/ وينتهي فيه تحت الوشي عطفاها"، ليقوم رامي بتعديل البيت إلى "هيفاء كالبان يلتف النسيم بها/ ويلفت الطير تحت الوشي عطفاها"، ولحنها السنباطي.
أما قصة كتابة القصيدة، هي تلبية أم كلثوم لدعوة أقامها شوقي بحضور إحدى السهرات التي كان يقيمها، بمشاركة فنانين واعلاميين ومشاهير وسياسيون، ويومها قدم "أمير الشعراء" إلى "كوكب الشرق"، كأس من الخمر، مع أن الكل كان يعرف أنها لم تكن تشربها، وخشية من (كسر خاطره) لمست أم كلثوم الكأس بفمها ووضعتها جانباً.
لتجود قريحة شوقي بقصيدته الرائعة التي غنتها أم كلثوم بعد رحيله، من ألحان الموسيقار العبقري رياض السنباطي، حيث زار شوقي أم كلثوم في اليوم التالي، مقدماً لها القصيدة في مغلف، لتقرر غناء القصيدة بعد 14 عاماً من رحيله.
تقول كلمات القصيدة التى قدمها شوقي لأم كلثوم:
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها؟
واستخبروا الراح هل مست ثناياها؟
باتت على الروض تسقيني بصافيه
لا لــلـسلاف ولا لــلـورد ريـــاهـا
ما ضر لو جعلت كأسي مراشـــفهـا
ولو سقتني بصاف من حـمـياهــا
هيفاء كالبان يـلـتـف الـنـسـيـم بهـا
وينتهي فيـهِ تحت الوشي عطفاها
حـديـثـهـا الـسـحـر إلا انـــه نـــغــم
جــرت علـــــى فــم داود فــغــناهـا
حمامة الأيك من بالـشجـو طـارحها
ومن وراء الدجي بالشوق نـاجـاهــا
القت إلي اللـيـل جـيـدا نــافـرا ورمــت
إليه اذنا وحـــارت فـيه عـيـنـاهـا
وعادها الشوق للاحباب فانـبـعثـت
بكي وتـهـتــف احــيـانـا بـشـكـواهــا
يا أم كلثـومُ أيام الهـوى ذهـبــت
كالحلم آهـــا لأيام الهــوى آهــا.