في عالم السينما الذي يشهد ولادة العديد من النجوم، يظل ميل جيبسون حالة فريدة من نوعها. من شاب عادي نشأ بين نيويورك وأستراليا إلى نجم عالمي يتصدر قوائم الإيرادات. استطاع جيبسون أن يكتب اسمه بحروف من ذهب كممثل موهوب ومخرج بارع وصانع أعمال أثارت إعجاب الجماهير وأشعلت الجدل. مسيرته التي امتدت لعقود مزجت بين الأداء الاستثنائي والإبداع الفني، ليصبح رمزًا من رموز هوليوود.
وُلد ميل كولومسيل جيرارد غيبسون في 3 يناير 1956 بمدينة بيكسكيل، نيويورك، وسط عائلة كبيرة تتكون من عشرة أشقاء. انتقل مع عائلته إلى أستراليا عندما كان في الثانية عشرة من عمره، حيث اكتسب لهجته الأسترالية وبدأ شغفه بالفن. بعد تخرجه في المعهد القومي لفن الدراما (National Institute of Dramatic Art)، دخل عالم التمثيل من بوابة المسرح والتلفزيون المحلي.
في عام 1979، خطف جيبسون الأنظار بدور "ماكس روكاتانسكي" في فيلم Mad Max، الذي شكل نقطة انطلاق مسيرته نحو الشهرة العالمية. سرعان ما تحوّلت السلسلة إلى واحدة من أنجح الأعمال السينمائية، وأصبح جيبسون اسمًا لامعًا في سماء هوليوود.
شهدت فترة الثمانينيات انطلاقة قوية لجيبسون في هوليوود، فقد تألق في سلسلة أفلام Lethal Weapon التي بدأت عام 1987، قدّم من خلالها شخصية المحقق "مارتن ريجز"، التي أصبحت واحدة من أيقونات السينما. بفضل هذه السلسلة وأعماله الأخرى، أصبح جيبسون من بين الممثلين الأعلى أجرًا وأكثرهم تأثيرًا.
لم يكن جيبسون مجرد ممثل ناجح، بل أثبت نفسه كمخرج موهوب. في عام 1995، أخرج فيلم Braveheart، الذي لم يكتف بتحقيق نجاح تجاري بل حصد أيضًا جائزتي أوسكار لأفضل مخرج وأفضل فيلم، تميز جيبسون بأسلوبه الجريء في اختيار الموضوعات، كما ظهر في فيلم The Passion of the Christ عام 2004، الذي أثار جدلًا واسعًا ولكنه حصد نجاحًا عالميًا بإيرادات تجاوزت 600 مليون دولار.
واجه جيبسون تحديات كبيرة على الصعيدين الشخصي والمهني، إلا أنه عاد بقوة عام 2016 بفيلم Hacksaw Ridge. هذا العمل، الذي يحكي قصة بطولية في الحرب العالمية الثانية، لاقى إشادة واسعة وحصد العديد من الجوائز، ما أثبت أن جيبسون لا يزال قادرًا على تقديم أعمال مبهرة.
فاز بجائزتي أوسكار عن فيلم Braveheart عام 1996، وحصل على جائزة جولدن جلوب كأفضل مخرج، وتجاوزت إيرادات أفلامه، كممثل أو مخرج، حاجز 5 مليارات دولار عالميًا.
بفضل رؤيته الفنية الجريئة وشخصيته التي تجمع بين الموهبة والإصرار، نجح ميل جيبسون في أن يصبح رمزًا عالميًا للتميز في السينما، مسيرته التي جمعت بين الأضواء والظلال تظل مصدر إلهام ودليلًا على أن الإبداع لا حدود له.