في عالم يندر فيه التوفيق بين الفن والعلم، تبرز الفنانة السورية سوزان نجم الدين كأيقونة تجمع بين عبقرية الهندسة وبراعة التمثيل.
ولدت في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1973 ببلدة الدريكيش في محافظة طرطوس السورية، لتنشأ في أسرة غنية بالثقافة والإبداع، وتشق طريقها لتصبح واحدة من ألمع نجمات الدراما العربية، محتفظة بمكانة خاصة في قلوب الجمهور العربي بفضل موهبتها المتألقة وإنجازاتها الاستثنائية.
نشأت سوزان في بيئة ثقافية متميزة؛ إذ كان والدها نجم الدين الصالح شاعرًا ومحاميًا وعضوًا في مجلس الشعب، ووالدتها دولت عباس شاعرة ومحامية وعضوة في اتحاد الكتاب العرب. بعد إنهاء دراستها الثانوية، التحقت بكلية الهندسة المعمارية بدمشق، حيث تميزت بين زملائها وتخرجت بتفوق.
ولم تقتصر حياتها على الهندسة فقط، بل انضمت إلى فرقة "زنوبيا" للفنون الشعبية لتبدأ رحلتها الفنية كراقصة باليه وفلكلور شعبي، مقدمة عروضًا محلية ودولية لاقت نجاحًا كبيرًا. مشروع تخرجها "أوبرا دمشق" مثّل أولى خطواتها في المزج بين شغفها بالفن وهويتها كمهندسة.
انطلقت مسيرة سوزان الفنية عام 1989 بدورها في مسلسل "قلوب دافئة"، حيث لعبت دور البطولة إلى جانب كبار الفنانين مثل أسعد فضة وصباح الجزائري. لاحقًا، أثبتت نفسها كواحدة من أبرز النجمات بأعمال لامست القلوب، مثل مسلسل "نهاية رجل شجاع" عام 1994، الذي وضعها في مصاف الممثلات القادرات على تجسيد الأدوار المركبة. ومن أبرز محطاتها الدرامية أيضًا: "خان الحرير" و"أخوة التراب"، اللذان عززا مكانتها كنجمة متألقة.
تمكنت سوزان من التنقل بمرونة بين الأدوار التاريخية والاجتماعية والكوميدية، مقدمة شخصيات أثرت في وجدان الجمهور؛ ففي المسلسلات التاريخية، تألقت في أعمال مثل "صلاح الدين الأيوبي" و"الظاهر بيبرس"، بينما تركت بصمة كوميدية مميزة في مسلسلات مثل "فرصة عمر" و"وش تاني". وعلى الصعيد السينمائي، أبدعت في أفلام مثل "حملة فرعون" و"أنا وأنت وأمي وأبي"؛ ما جعلها وجهًا بارزًا في الدراما والسينما على حد سواء.
استمرت مسيرة سوزان المتميزة في السنوات الأخيرة، حيث شاركت في مسلسل "الحشاشين" الذي عرض خلال رمضان 2024، إلى جانب نخبة من النجوم مثل كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب. كما أعادت نجاحاتها إلى الساحة بمشاركتها المميزة في مسلسل "ابن أصول" مع الفنان حمادة هلال، الذي حصد تفاعلًا واسعًا من الجمهور.
إلى جانب نجاحها الفني، تشغل سوزان منصب الأمين العام المساعد لاتحاد المنتجين العرب لبلاد الشام منذ عام 2010، لتثبت أنها ليست فقط فنانة موهوبة، بل شخصية قيادية تسعى لخدمة الفن العربي. مسيرتها الملهمة، التي تجمع بين العلم والفن، تجعل منها نموذجًا متميزًا يحتذى به، وستبقى أعمالها محفورة في ذاكرة الجمهور العربي لعقود قادمة.