لم تكتفِ النجمة التونسية، مصرية الروح، لطيفة، بمكانتها العريقة في عالم الموسيقى العربية، بل واصلت مسيرة التجديد والتطور، مواكبةً أحدث التقنيات الموسيقية، ففي خطوة مميزة، استعانت بتقنية الذكاء الاصطناعي في تصوير 4 أغنيات من ألبومها الجديد "مفيش ممنوع".
بفضل خطوتها الجريئة، تُثبت لطيفة مرة أخرى أنها أيقونة التجديد في عالم الموسيقى العربية، وأنها قادرة على السير دائمًا في المقدمة، مُلهمةً الأجيال القادمة من الفنانين والمبدعين. وإلى الحوار..
نبدأ معكِ الحديث عن ألبومك الجديد "مفيش ممنوع".. ما سر هذه الأغنية؟
"مفيش ممنوع" بمثابة مفتاح الألبوم، فهي تعكس رسالته الأساسية التي تدور حول التحرّر من القيود والتمسك بالحلم مهما واجهنا من صعوبات. فور سماع كلمات الشاعر نادر عبدالله، شعرتُ بأنها تعبر عن مشاعر دفينة بداخلي، فالكلمات قوية ومعبرة، وتلامس رغبة كل إنسان في العيش بحرية، وتحقيق أحلامه دون قيود.
لماذا قررت لطيفة طرح ألبوم كامل والتغاضي عن أغاني السنجل؟
أجريتُ استفتاءً على "إكس" شمل جمهوري وبعض الإعلاميين والمتخصصين، وكان السؤال: هل تفضلون طرح أغانٍ منفردة أم ألبوم كامل؟ وكانت النتيجة مفاجئة، فقد طالبني الجميع بطرح ألبوم كامل. أؤمن إيمانًا راسخًا بقوة الألبوم، فهو يُشعل المنافسة بين أغنيات الألبوم نفسه، ويُتيح للفنان فرصة تقديم تنوع موسيقي غني يُرضي جميع الأذواق.
تاريخكِ الفني ثري بالأغاني، فكيف تحكمين على الأغنية لتضيفها إلى إبداعاتكِ الفنية؟
أهم شيء هو الإحساس بكلمات الأغنية وفكرتها وتوزيعها الجديد، وموسيقاها المختلفة عمَّا قدمته سابقًا من أغانٍ.
ما الجديد بألبوم "مفيش ممنوع"؟
هذا الألبوم يُمثل مزيجًا غنيًا من الألوان الموسيقية المتنوعة؛ إذ يضم العديد من الأغاني المحبوبة التي لا تزال حاضرة في قلوب الجماهير، مثل "لما جابو سيرتك، يا سيدي مسي، يا جمال الدنيا، بحب في غرامك، متروحش بعيد، في الكام يوم اللي فاتو،" وغيرها الكثير، بالإضافة إلى موسيقى الهاوس والتكتونيك وإيقاعات متنوعة أخرى، وأغاني الجاز مع زياد الرحباني، فالتنوع هو مفتاح شخصية لطيفة الغنائية.
بعد إنجازكِ 4 كليبات مصورة باستخدام الذكاء الاصطناعي، حدثينا عن شعوركِ؟
سعيدة جدًا بتجربة كل ما هو جديد وفريد في عالمنا العربي، وكنتُ أتحمّس منذ فترة لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في مجال الموسيقى، خاصةً بعد أن سمعتُ عن إمكانياتها المذهلة.
بطبيعتي أحبُّ تقديم كل ما هو جديد وفريد لجمهوري في العالم العربي، لطالما حلمتُ باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في أعمالي، وفجأة سنحت ليّ الفرصة الذهبية عندما تواصل معي المخرج اللبناني وليد نصيف، عرّاب الذكاء الاصطناعي في منطقتنا. لم أتردد لحظة في قبول هذا التحدي المثير، لأنني مؤمنة بإمكانيات هائلة لتلك التقنية في عالم الإبداع الموسيقي.
ورغم أن تقنية الذكاء الاصطناعي ساعدت في خلق عوالم بصرية ساحرة وفريدة من نوعها في كليباتي، مثل ما شاهدناه في أغنية "الحياة مسكرة" و"بتقول جرحتك"، فإن هذه التقنية مجرد آلة، مهما بلغت من التطور، تفتقر إلى الأحاسيس والمشاعر التي تُلامس القلوب، وقد تُستخدم تلك التقنية لخلق أصوات مُذهلة، لكنها تبقى عاجزة عن نقل المشاعر الحقيقية التي تُميز الغناء الإنساني.
لماذا أصررتِ على تصوير كل أغنيات ألبومكِ؟
أؤمنُ إيمانًا قاطعًا بأهمية الصورة في ربط الجمهور بالأغنية، فالصورة تخلق رابطًا عاطفيًّا لدى المتلقي، وتساعده على التفاعل مع الأغنية بنحو أعمق، فعلى سبيل المثال أغنية "حبك هادي" التي طرحتها عام 1995، لا يزال الجمهور يتذكرها حتى الآن، ويربطها بصورتها المصورة، وأعتقد أن الصورة تُخلّد الأغنية، وتجعلها حاضرة في ذاكرة الجمهور لسنوات طويلة.
كيف تتعاملين مع السوشيال ميديا؟
أهوى منصات التواصل الاجتماعي لما تقدمه من فرص التواصل مع شرائح جديدة من الجمهور، وتعزيز الروابط مع الأصدقاء، وفتح نوافذ على كل ما هو جديد.
يواجه بعض المطربين مخاوف عند العمل مع ملحنين جدد، لكنكِ تعاونتِ مع مجموعة شابة؟
في هذا الألبوم قدمتُ 10 أغانٍ متنوعة، وتعاونتُ خلال هذا العمل مع نخبة من الملحنين، من بينهم أسماء لامعة وأخرى شابة واعدة مثل أحمد بحر، إيمانًا بأهمية دعم المواهب الفنية المميزة، وقدرتهم على إثراء أي عمل فني، وإضافة لمسة خاصة إليه.
ماذا عن التعاون مع كاظم الساهر ملحنًا؟
يُشرفني التعاون مع الأستاذ الكبير والفنان القدير كاظم الساهر، نجم لامع في سماء الموسيقى العربية، ولقد جمعتنا رحلة فنية حافلة بالنجاحات، فمنذ تعاوننا الأول في أغنية "سيدي مسي" مرورًا بـ"لاستحالة لاحاسبلي تلو" و"من الدنيا العاشقين" و"من ينقذ الإنسان" وصولًا إلى أربع أو خمس أغانٍ أخرى قيد التحضير، أثبتنا معًا أنّ الإبداع لغة مشتركة تجمعنا.
ولأنّ التجديد أساس الإبداع، حرصنا على تقديم أغنية "نويت أعانده" ضمن ألبومي الجديد، من كلمات الشاعر الراحل عبد الوهاب محمد وتوزيع إبراهيم راديو، وتحمل طابعًا طربيًا أصيلًا راهنتُ عليها، مُؤمنةً بقدرتها على لمس قلوب محبي الموسيقى.
ولاقت بالفعل صدىً واسعًا بين الجمهور، ونالت إعجاب الجميع، ولإكمال الصورة الإبداعية، صُوّرت الأغنية على طريقة الفيديو كليب بإخراج المبدع جميل المغازي الذي استطاع تجسيد روح الأغنية بكادرات عصرية جميلة تُلامس مشاعر المشاهدين.
ما رأيك في وصف "مفيش ممنوع" بأنه موحد لشمال إفريقيا؟
يجمع الألبوم الجديد بين مختلف اللهجات العربية؛ إذ يضم 8 أغانٍ باللهجة المصرية، وأغنية تونسية، وأغنية ليبية بعنوان "ياليالي"، وهي من ألحان الفنان الليبي الراحل محمد حسن، الذي سبق أن تعاونا معًا في العديد من الأغاني، ومن المقرر تصوير الأغنية الليبية فيديو كليب، وإهداؤها لروح الفنان الراحل.
ماذا عن "غراميات" لطيفة وزياد الرحباني؟
انتهيتُ من تسجيله، وأستعدُ لتصويره كله، فهو يضم 6 أغنيات، والمفاجأة أن زياد الرحباني يلحن للمرة الأولى باللهجة المصرية، والأغنية من كلمات الراحل عبد الوهاب محمد.
الجمهور يشتاق لظهوركِ في السينما أو المسرح، فأين لطيفة من ذلك؟
في السينما، أتوق شغفًا للعمل المتميز الذي أجد نفسي فيه، وأُحسّ بوجود مشروع ضخم قيد التحضير سأشارك فيه، لكنّ التكتم يفرض نفسه حاليًّا.
أما عن المسرح الغنائي، فأُقرّ بصعوبة تقديم المسرح الغنائي في العالم العربي، لأنه لا يلقى الدعم الكافي، فبعد تجارب رائدة لسمير خفاجي في مصر والرحباني في بيروت، لم نشهد خطوات مماثلة أو محاولات جادة، وأتطلّع بحنين إلى عودة المسرح الغنائي من جديد.
ما هي الهوية الموسيقية من وجهة نظر لطيفة؟
تتمثل الهوية الموسيقية في الحفاظ على جودة الموسيقى الشرقية وحِرفية الآلات الشرقية ومذاقها الفريد، لكن هذا لا يعني الوقوع في فخّ التقليد وعدم التجديد، فالموسيقى، شأنها شأن أيّ فنّ آخر، تخضع لتطورات هائلة مع ظهور تقنيات جديدة مثل الموسيقى الرقمية، غير أنّ ذوق الجمهور قد تغيّر بنحو كبير، لذلك، يُواجه الفنان تحدّيًا مزدوجًا: الحفاظ على هويته -موسيقي شرقي أصيل- مع مواكبة التطورات والتغيّرات. إنّ تحقيق هذا التوازن معادلة صعبة، لكنها ليست مستحيلة.
من أين تستمد لطيفة قوتها؟
من ينبوع أمي ينساب إلهامي، حية في قلبي، حاضرة في روحي، هي سر كل خير في حياتي، وأظنّ أنني أفكر بها في كل لحظة، حتى في اختياراتي الموسيقية، وأتحدث إليها كأنها لا زالت هنا، وقد شاركتني في اختيار العديد من أغاني ألبومي الجديد.
هل توجد خلافات مع الفنانة إليسا؟
على عكس ما قد يعتقد البعض، لا خلافات لي مع إليسا، بل بالعكس، فهي صديقة عزيزة وقفت إلى جانبي في أصعب الظروف، وقدمت إليّ واجب العزاء بعد وفاة والدتي.