لطالما كان المزج بين الغناء والتمثيل في الساحة الفنية سمة من سمات الفنانين العظماء، فلم يكن مفاجئًا أن يتألق بعض الممثلين في تقديم أغانٍ ارتبطت بذاكرتنا منذ الطفولة.
وشهدنا على مدار العقود الماضية كيف ترك نجوم الزمن الجميل، مثل شادية وليلى مراد، بصمات لا تُنسى في عالم الغناء، إلى جانب فريد الأطرش الذي أبدع في الغناء والتمثيل معًا.
هؤلاء النجوم، وغيرهم من تلك الحقبة الفنية الذهبية، أسسوا إرثًا لا يزال يتلألأ ويزداد سحرًا مع مرور الزمن، ليثبت أن الفن الأصيل لا يندثر، بل يتجدد ويزدهر.
وتشهد الساحة الفنية حالياً تحولًا لافتًا بين بعض نجوم التمثيل، فقد بدؤوا بالتوجه نحو الغناء وتقديم الفيديو كليبات، ويزينون أفيشاتهم بحفلات تعتمد على المحسنات الصوتية الهندسية، لافتقارهم إلى موهبة الصوت الطربي أو الفكرة الغنائية العميقة التي تتغلغل في وجدان الجمهور.
هؤلاء النجوم يخوضون سباقًا على لقب "الفنان الشامل" الذي يجمع بين مواهب متعددة، مدفوعين بشغف التريند والرغبة في تحقيق أقصى العوائد المادية عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومن بين الأسماء التي دخلت الساحة الغنائية أخيرًا، تبرز رانيا يوسف بأغنيتها الجديدة "ليك" التي كتب كلماتها سمير طارق، ولحّنها محمد مصطفى، وتولى توزيعها تيام طارق، وصورتها رانيا مع المخرجة بتول عرفة.
ولم تتوقف عند هذا الحد، إذ أعلنت أخيرًا عن تحضيرها عملا غنائيا جديدا، وفي سياق مشابه، أطلق محمد رمضان أغنيته "مش فاضي"، ليواصل مشواره في عالم الغناء.
بدورها، تستعد الفنانة غادة إبراهيم لخوض تجربتها الغنائية الأولى، عبر أغنية "كريزماتك" التي كتب كلماتها حمدي نوار، ولحنها ووزعها فادي نجيب، مع ميكساج محمد حسني، ومن المتوقع أن تُطرح خلال الأيام القليلة المقبلة.
كما انضم حسن الرداد إلى قائمة النجوم الذين اقتحموا عالم الغناء، فقد طرح أغنيته "أصيف" التي كتب كلماتها، ولحّنها صلاح دوشة، وتولى توزيعها بشيو، وصورت الأغنية على شواطئ إحدى القرى السياحية في الساحل الشمالي، كجزء من الترويج لمسرحيته الجديدة "التلفاز".
وعلى المنوال ذاته، أصدرت الفنانة آيتن عامر أغنيتها "إفراج" التي كتب كلماتها مصطفى حسن، ولحنها مصطفى العسال، وتوزيع محمد مجدي، ليواصل هؤلاء الفنانون تقديم أعمالهم الغنائية رغم خلفيتهم التمثيلية.
يؤكد الموزع الموسيقي محمد حمدي أن السوق الفني أصبح مفتوحًا للجميع، ما يتيح الفرصة لأي شخص لتقديم أغنية، إلا أن المشكلة تكمن في أن هؤلاء الفنانين لا يعيرون اهتمامًا حقيقيًا للفكرة أو الألحان، بل هم مجرد مؤدون أكثر من كونهم مطربين حقيقيين.
وقال في تصريحات لموقع "فوشيا" إن هدفهم الأساس يتمثل في البحث عن الترند والشهرة، معتبرًا أن هؤلاء الفنانين ضلوا الطريق إذا اعتقدوا فعلاً أن أصواتهم تصلح للغناء، فهم ليسوا سوى مؤدين، لم يحظوا بالإشادة الحقيقية سواء من الجمهور أو النقاد.
وأشار حمدي إلى أنه من الضروري، لكل من يخطو خطوة نحو الغناء، أن يكون على دراية كاملة بإمكانيات صوته، لأن هناك أصواتا مميزة وجيدة، لكن ذكاءهم المهني يمنعهم من خوض هذه التجربة.
واتفق الناقد الموسيقي مصطفى حمدي مع رأي الموزع محمد حمدي، مؤكداً أن تجربة بعض الممثلين في الغناء كانت فاشلة، إذ إنهم نجحوا في إقناع الجمهور بموهبتهم التمثيلية أكثر من قدرتهم على تقديم الأغاني.
وقال مصطفى حمدي إن الموهبة هي العامل الأساس لضمان عودة الفنان الشامل، الذي يجمع بين الغناء والتمثيل على نحو يذكرنا بأساطير الزمن الجميل مثل شادية وصباح، اللتين برعتا في كلا المجالين بفضل موهبتهما الحقيقية.