من بيروت والشتات، عملت مجموعة من مصممات المجوهرات اللبنانيات على البحث عميقا في تراث بلادهن الغني، بهدف خلق صورة بصرية نابضة بالحياة، نالت اهتماما عالميا.
لا تنتمي هؤلاء المصممات لأي طائفة أو حزب ولا يفضلن رواية القصص التاريخية نفسها، بل عملن على دراسة تأثيرات الحضارات الفينيفية والبيزنطية والرومانية والعثمانية والفرنسية على الهوية اللبنانية.
وفي تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز"، قالت المصممة اللبنانية "ندى غزال": "نعمل على تصميم مجوهرات غير الرسمية، لا تنتشر في لبنان".
وأضافت: "هناك ثقافة مجوهرات عريقة في لبنان تعود لقرون، لكن العلامات التجارية المعروفة تعتمد التصاميم الكلاسيكية والرسمية، فمفهوم مصمم المجوهرات غير موجود فعليا، لأن المجوهرات بشكل عام تنتقل من جيل إلى جيل".
بعد 10 سنوات من العمل في مجال الإعلانات، أطلقت "ندى غزال" علامتها التجارية الخاصة عام 2004 من خلال 20 قطعة مجوهرات صنعتها بنفسها.
باعت ندى جميع القطع بعد فترة وجيزة في معرض خاص، لكن لاحقا اندلعت أزمة سياسة في بلادها تلتها أزمة وطنية. وبحلول عام 2012، دفعها الوضع الاقتصادي المتردي إلى البحث عن فرص خارج لبنان، فانطلقت عالميا عام 2019.
يعتبر أسلوب ندى في التصميم "جريء وأنيق"، إذ يعبّر عن الذكريات والعواطف التي ولدتها بيروت، المدينة التي فرّت منها عائلتها في الثمانينيات، بعد اندلاع الحرب الأهلية.
مجوهرات ندى منحوتة بأشكال وصور ظلية متنوعة، وفيها أحجار كريمة مدمجة في الذهب ومبعثرة بشكل عشوائي.
تقول ندى: "جعلتنا التحديات نقاتل أكثر كمصممين.. ما مررنا به مؤلم، لكن الألم يولّد الإبداع ويجبرنا على استخدام خيالنا".
وتؤكد ندى أن جميع مجوهرات "غزال" صنعت في بيروت، بورشة جديدة بنيت بعد انفجار المرفأ عام 2020، الذي دمّر الورشة القديمة بالكامل.
غاييل خوري
ولدت غاييل خوري في بيروت، وترعرعت في طرابلس التي مزقتها الحرب، قبل أن تغادر لتدرس وتعمل في نيويورك.
عادت غاييل إلى بيروت لإطلاق مجموعتها الخاصة من المجوهرات عام 2017 ، لكن الوضع الاقتصادي السيئ أجبرها على الانتقال إلى دبي في أوائل عام 2020.
اليوم تزور غاييل لبنان كل شهرين لمتابعة عملها مع الحرفيين، وهي ملتزمة بالحفاظ على الإنتاج محليًا، إيمانا منها بعدم وجود مستوى شبيه من الحرفية خارج الدولة اللبنانية.
توظف غاييل حرفيين لبنانيين بمشغلها في بيروت لصياغة مجوهراتها الاستثنائية.
وعن مجموعتها الأخيرة La Trahison de l'Objet ، قالت غاييل إنها جاءت استجابةً لما وصفته بـ "التداعيات المالية والعواقب القبيحة للبنان والتي يتحملها شعبها".
دينا كمال
تركت دينا الهندسة المعمارية وتوجهت إلى تصميم المجوهرات، وذلك عندما ابتكرت خاتم الأصبع الصغير، الذي اطلقت عليه اسم Pinky عام 2010.
ولدت دينا ونشأت في بيروت، إلا أنها غادرت لبنان بعمر الـ15 عاما، حيث درست الهندسة المعمارية في واشنطن، قبل أن تعود للبنان عام 1998، وفي عام 2010 بدأت رحلتها بعالم تصميم المجوهرات.
بعد انفجار 4 آب، هاجرت دينا إلى لندن، إلا أنها تزور بيروت على الدوام لمتابعة العمل مع حرفييها.
نال الخاتم المخصص للأصبع الصغير، والذي ابتكرته دينا لأول مرة شهرة عالمية، كما نالت تصاميم أخرى لها شهرة واسعة منها قنديل البحر، الذي استوحته من ميدالية.
تقول دينا: "أنت ترث كل ما تتعرض له. أحاول أن لا انتمي لمجموعة واحدة، بدلا من ذلك أحاول اللعب بالأفكار والمفاهيم النظرية في محاولة للعثور على توازن بين المقدس والدنيوي، والمتواضع والجريء".
نور فارس
تركز نور فارس التي أسست علامتها عام 2009، على "التصوف الشرقي" حيث تمزج الرموز التعويذية مع الأنماط الهندسية لميزات العمارة في الشرق الأوسط.
تأخذ نور "لندن" مقرا لها، وتطلق كل موسم مجموعات فريدة، آخرها كانت Prisma، التي سخرت من خلالها طاقة الضوء لدمج الأحجار الكريمة مع المعادن، بما فيها الجمشت الأخضر وكوارتز الروتيل والروز والدخاني.
نادين بيضون باربي
أما نادين بيضون باربي، فتنحدر من عائلة تجار ألماس، تزوج والداها في بيروت قبل الانتقال إلى استراليا.
حفرت اسم الملكة المصرية نفرتيتي على قطع مجموعاتها.
تستخدم نادين خطوطا رسومية قوية ونظيفة من الذهب المصقول، وترصع بعض قطعها باللازورد النابض بالحياة وحجار الفيروز لتحقيق المزيد من التألق.
وتقول نادين: "مجموعتي تدور حول الحياة والموت والبعث. إن تقبّل الظروف وإعادة البناء عنصران موجودان في الحمض النووي لكل مواطن لبناني، نحن مغامرون ومستقلون ولا نخشى المخاطرة".
نادين غصن
ولدت نادين غصن في الولايات المتحدة، وتنحدر من أصول لبنانية- برازيلية.
تعتمد نادين أسلوبا لافتا للنظر في مجموعات مجوهراتها؛ إذ تطغى على تصاميمها "الطاقة الإيجابية" و"الحيوية"، فترى أقراطا على شكل شطيرة هامبرغر أو خواتم ليغو، أو حتى أساور على شكل قلم رصاص بممحاة.
تقول نادين: " لم يكن لدي خبرة في عالم المجوهرات، هذا ما جعلني أصمم دون قيود".
أمضت نادين أشهرا في بيروت لمتابعة العمل مع الحرفيين، قبل أن تقرر دراسة علم الأحجار الكريمة، وتطلق مجموعتها الأولى عام 2016.