يُعد تكرار النجوم لتقديم الأدوار ذات الطابع نفسه ظاهرة ملحوظة في الساحة الدرامية المصرية، خاصة في الأعمال الموجهة لشهر رمضان.
وبينما يرى البعض أن هذه الاستراتيجية قد تكون وسيلة لاستثمار النجاح السابق، يعتبرها آخرون علامة على إفلاس فني وغياب الجرأة في التنويع.
يستعد الفنان أحمد العوضي لعرض مسلسله الجديد "فهد البطل" في موسم رمضان 2025، حيث يعود لتقديم شخصية ذات طابع شعبي، وهي النوعية التي سبق أن برع فيها خلال أعمال مثل "حق ميت" و"اللي مالوش كبير" من خلال شخصية الخديوي.
ورغم النجاح الجماهيري الذي حققه بهذه النوعية من الأدوار، يتساءل الجمهور: هل يضيف العوضي شيئًا جديدًا، أو يكرر نفسه في إطار آمن؟
الفنان عمرو سعد بدوره يواصل تقديم الأدوار الشعبية في مسلسله المقبل "سيد الناس" المنتظر في دراما رمضان 2025، وذلك بعد نجاحه الكبير في مسلسل "ملوك الجدعنة".
ومع أن هذه الأدوار أكسبته قاعدة جماهيرية واسعة، إلا أن النقاد يشيرون إلى أهمية خروجه من عباءة "ابن البلد" لتقديم أدوار أكثر تنوعًا واختلافًا.
يستعد الفنان مصطفى شعبان، لتقديم مسلسل "حكيم باشا" في رمضان 2025، حيث يؤدي دور رجل مزواج لديه أكثر من زوجة، ويعمل في تجارة الآثار.
واللافت أن هذه الشخصية تحمل ملامح مشابهة لما قدمه سابقًا في مسلسل "دكتور أمراض نسا" و"الزوجة الرابعة"، ما يثير التساؤلات حول مدى قدرة شعبان على كسر النمطية وتقديم شخصيات جديدة.
يرى البعض أن تكرار النجوم تقديم ثيمات مكررة هو وسيلة مضمونة لاستثمار نجاحاتهم السابقة، خاصة في ظل المنافسة الشديدة خلال الموسم الرمضاني، حيث يضمن ذلك استقطاب قاعدة جماهيرية.
ترى الناقدة الفنية ماجدة موريس أن اعتماد بعض الفنانين على تكرار تقديم التيمات ذاتها أو الأدوار الفنية التي نجحوا فيها سابقًا ليس رهانًا صائبًا، بل هو مسار محفوف بالمخاطر.
ووصفت هذه الخطوة بأنها "استثمار للنجاح الماضي"، إلا أنها تفتقد عنصر التجديد المطلوب في مسيرة أي فنان؛ ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان دهشة الجمهور وإحساسه بالابتكار.
أوضحت ماجدة موريس في تصريح خاص لـ "فوشيا" أن النجاح الأولي الذي يحققه الفنان عند تقديم شخصية جديدة أو تيمة غير مطروقة سابقًا يأتي نتيجة الاجتهاد والتميز، لكن عندما يُعاد تقديم التيمة ذاتها أو الشخصية مجددًا، يصبح من الصعب تحقيق التأثير نفسه.
وأكدت ماجدة أن الجمهور قد يشعر بخيبة أمل قائلة: ما إحنا شفناه قبل كده بيعمل الدور ده، مشيرة إلى أن التكرار يجعل المشاهد أقل اندهاشًا، ويضعف العلاقة بين الفنان وجمهوره.
استشهدت الناقدة ماجدة موريس بمسلسل النجم الراحل نور الشريف الذي قدّم فكرة الرجل متعدد الزوجات في عمل درامي شهير، وشارك فيه الفنان مصطفى شعبان في بداياته.
وأشارت إلى أن هذا النوع من التيمات، الذي كان يُنظر إليه في وقت سابق كفكرة جاذبة ومثيرة، أصبح اليوم غير واقعي بالنسبة لعدد كبير من المشاهدين المصريين.
وأضافت: تكرار هذه النوعية من الأعمال أصبح مثار استفزاز وتريقة للجمهور، خاصة أن المجتمع تغيّر بشكل كبير، وأصبحت هذه الأفكار شبه مستحيلة في الواقع.
أكدت ماجدة موريس أن الفنان الناجح هو من يبحث دائمًا عن شخصيات جديدة وقصص مختلفة، تمثل قضايا مهمة تعكس تطورات المجتمع ومتغيراته.
وقالت إن استمرارية الفنان لا تعتمد على تكرار الماضي، بل على تقديم الجديد الذي يعكس واقع الجمهور وتطلعاته.
أشادت ماجدة موريس بمواقف عدد من النجوم الذين رفضوا تكرار أنفسهم، مشيرة إلى الفنان الراحل نبيل الحلفاوي الذي كان حريصًا على تنويع أدواره. وذكرت تصريحًا له قال فيه: الفنان المفترض أن يبحث دائمًا عن قضايا مختلفة تمس المجتمع".
وأضافت أن هذا النوع من الالتزام يمنح الفنان قيمة مضافة لدى الجمهور، ويعزز من استمرارية نجاحه.
اختتمت ماجدة حديثها بالتأكيد على أن التكرار الفني، رغم كونه محاولة لاستثمار نجاح سابق، هو رهان غير ناجح، موضحةً أن الفنان الذي يراهن على الماضي يخاطر بفقدان مصداقيته لدى الجمهور، وأن الأفضل هو الاجتهاد في تقديم أعمال جديدة تعكس روح الحاضر وقيمه.
المشهد الدرامي المصري يزخر بفرص لا حدود لها للإبداع والتجديد، ويظل السؤال قائمًا: هل ستجرؤ الدراما الرمضانية على كسر دائرة التكرار والخروج من المألوف؟ أو سيظل الرهان على الأعمال المضمونة دون مغامرة تُذكر؟
في النهاية، يبقى الحكم النهائي بيد الجمهور، الذي يتطلع دائمًا إلى أعمال تجمع بين التميز والإبداع.