في ذكرى رحيلها الرابعة عشرة، تبقى حكاية واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية، برلنتي عبد الحميد، التي كانت رمزًا للجمال والقوة والجرأة، بفضل موهبتها الاستثنائية وشخصيتها التي كسرت القيود، استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة خاصة في تاريخ الفن.
ولدت نفيسة عبد الحميد حواس، المعروفة فنياً باسم برلنتي عبد الحميد في 20 نوفمبر 1935 في حي السيدة زينب بالقاهرة، ورحلت في 1 ديسمبر/كانون الأول 2010، لكنها تركت إرثًا فنيًا خالدًا أثّر في أجيال متعاقبة من الفنانين والجمهور.
بدأت برلنتي عبد الحميد حياتها بعيدًا عن التمثيل، حيث حصلت على دبلوم التطريز قبل أن تقرر دخول معهد الفنون المسرحية لدراسة النقد. لكن المصير كان يُخبئ لها طريقًا آخر عندما أقنعها الفنان زكي طليمات بالتحول إلى قسم التمثيل. من هنا، انطلقت للعمل مع فرقة المسرح المصري الحديث، حيث شاركت في مسرحيات مثل "الصعلوك" و"قصة مدينتين".
خطت برلنتي أولى خطواتها السينمائية في فيلم "شم النسيم" عام 1952، لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت عندما قدّمها المخرج الكبير صلاح أبو سيف في دور رئيسي بفيلم "ريا وسكينة". منذ ذلك الحين، بدأت أدوارها تتوالى، مظهرة قدرتها على أداء شخصيات متنوعة تجمع بين القوة والأنوثة.
تميّزت برلنتي بجرأتها في اختيار الأدوار التي تحدّت التقاليد السينمائية السائدة. من أشهر أعمالها: فيلم "سر طاقية الإخفاء" (1959)، حيث أدّت دور المطربة والراقصة لولا. وقدمت أفلام "جواز في السر"، "العش الهادئ"، والشياطين الثلاثة"، شخصيات مميزة في أفلام مثل "صراع في الجبل" و"المعلمة أنصار"، التي أظهرت موهبتها في تقديم أدوار درامية وأخرى خفيفة.
في ستينيات القرن الماضي، تزوجت برلنتي من المشير عبد الحكيم عامر، وزير الحربية حينها، في زواج أثار الكثير من الجدل. أنجبت منه ابنها الوحيد عمرو، ووثّقت علاقتها به في كتابين: "المشير وأنا" (1993)، و"الطريق إلى قدري.. إلى عامر" (2002). تناولت في كتابيها تفاصيل زواجها، حيث كشفت عن جوانب إنسانية وسياسية من حياتها.
لم تقتصر شهرة برلنتي على حياتها، بل استمرت بعد وفاتها من خلال تجسيد شخصيتها في الدراما. أدّت الفنانة غادة عبد الرازق دورها في فيلم "جمال عبد الناصر" (1999)، بينما قدّمت الفنانة درة شخصيتها في مسلسل "صديق العمر" (2014)؛ ما يؤكد مكانتها كرمز فني بارز في الذاكرة الشعبية.
في الأول من ديسمبر عام 2010، غادرت برلنتي عبد الحميد عالمنا بعد إصابتها بجلطة في المخ، لتطوي صفحة حياة مليئة بالإنجازات والإثارة. وبرحيلها، فقدت السينما المصرية نجمة صنعت تاريخها بأدوار جريئة، وصوت نسائي قوي شكّل ملامح عصر كامل. وحتى اليوم، يظل اسمها حاضرًا كأحد أعمدة الفن المصري التي أثرت السينما بأعمال لا تُنسى.