في حلقة نقاشية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ45، فتح المخرج خيري بشارة قلبه للجمهور وتحدث عن العلاقة الوثيقة بين نشأته وأعماله السينمائية، تحت عنوان "مرآة مصر: الهوية في عيون خيري بشارة".
في أثناء حديثه مساء الخميس في ساحة المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، كشف بشارة عن جذوره الريفية التي شكلت جزءًا أساسيًا من ملامح شخصيته الفنية.
وقال بشارة: أنتمي للبرجوازية الريفية، جدي لأبي كان من أغنياء القرية. عشت طفولتي في بيت خشب، وكان هذا العالم هو أول احتكاك لي بالحياة ومفاهيمها. وأكد أن هذه البيئة الريفية كانت نواة تأثيره العميق في حياته وأعماله، مضيفًا: تأثرت بهذه البيئة وطوال حياتي كنت منحازًا للفلاح والفقير ضد الظالم، هذا جزء من موروثي الثقافي الذي شكل هويتي منذ طفولتي.
يشير خيري بشارة إلى أن نشأته وتأثره بالعوالم التي عاش فيها كان لهما تأثير كبير على اختياراته الفنية. ويقول بشارة عن أسلوبه في السينما: أنا أحب أن أدمج بين الروائي والتسجيلي، لأنني لا أومن بنقاء الأسلوب، وأعتبره نوعًا من الخداع. ما يميز أعمالي هو الطابع التسجيلي الذي يطغى على الرواية، وستجد أن معظم أفلامي تركز على الصراع الطبقي بين الفقراء والأغنياء، بالإضافة إلى تمثيل الرغبة في التغيير والتمرد ضد الواقع".
ويستكمل خيري بشارة حديثه عن التحديات المالية التي واجهها في مسيرته السينمائية، قائلاً بابتسامة: الفلوس تخلص فأروح استلف، ومراتي كانت معايا لحظة بلحظة من البداية. كنت دايمًا عايش على السلفة، أستلف من عاطف الطيب ووحيد حامد.
ويضيف بشارة ممازحًا: زوجتي عاشت معي منذ بداياتي، وهي شاهد على كل لحظة في هذه الرحلة. ويعترف بشارة أن المسلسلات كانت هي من أنقذته ماليًا، إذ أصبحت مصدر رزق مهمًا له وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها قطاع السينما.
يسترجع خيري بشارة لحظات بدايته مع الفن، مشيرًا إلى تأثير خاله عليه وتوجيهه له نحو عالم الأدب والسينما والمسرح. يقول بشارة إن اهتمامه العميق بالفن بدأ يتشكل منذ صغره، عندما شعر بأنه يختلف عن الآخرين، خاصة بفضل صوته الفريد الذي جعله يحقق جائزة في الإلقاء الشعري، ما عزز من ثقته بنفسه، وجعل الفن جزءًا أساسيًا من حياته.
ويستعرض بشارة أيضًا اكتشافه المتزايد لعالم الفن، إذ كانت بداية مشواره الفني مرتبطة بحبه العميق للسينما. من بين الأفلام التي تركت أثرًا كبيرًا عليه.
يذكر فيلم "إحنا التلامذة"، الذي تأثر به كثيرًا حتى إنه قرر تقليد أحد مشاهد الفيلم فور عودته إلى المنزل، قائلاً بابتسامة: لما رجعت البيت، قلدت المشهد وتهجمت على الشغالة، لكن لم يكن القصد جنسيًا، بل كنت ببساطة متأثرًا بالحالة السينمائية التي عشتها. وبعدها، هي فهمت أنني لم أكن أقصد شيئًا سيئًا.
يكشف خيري بشارة عن حلمه الأول في عالم الفن، إذ كان يطمح إلى أن يصبح ممثلًا بدلاً من مخرج، لكن نقطة التحول في مسيرته الفنية جاءت عندما كان في الخامسة عشرة من عمره.
يقول بشارة: حينئذ قرأت كتاب 'فن الفيلم' المترجم عن طريق صلاح التهامي، وكان هذا الكتاب بمرتبة فتح عيني على عالم السينما والإخراج. اكتشفت حينها ما هو فن صناعة الفيلم، وكيف يتم بناء العمل السينمائي من خلف الكواليس، وأثّر ذلك في تفكيري كثيرًا وجعلني أتوجه نحو الإخراج بدلًا من التمثيل.