يُعتبر جين هاكمان أحد أروع وأبرز الممثلين في تاريخ السينما العالمية؛ إذ خاض رحلة فنية تمتد لنحو خمسة عقود، أضفى خلالها طابعا خاصا بعاطفته القوية وأدائه المتميز.
ولد جين هوكان الذي سجل على مدار عقود طويلة رحلة مؤثرة لم ينطفئ بريقها، في مثل هذا اليوم 30 يناير عام 1930 في سان برناردينو، كاليفورنيا.
ومنذ بداية مسيرته الفنية، فرض نفسه كأحد أكثر الممثلين احترافيةً وتنوعا في اختياراته الفنية؛ إذ قدم عددا كبيرا من الأعمال التي خلدت اسمه في ذاكرة جمهور السينما.
نشأ جين هاكمان في أسرة متواضعة؛ إذ كان ثاني الأبناء، ومع خلفية عائلية متنوعة، عاش طفولةً مليئة بالتحديات مثل انفصال والديه، ووفاة والدته في حادث مأساوي.
وبعد أن تلقى تعليمه العادي، انضم هاكمان إلى قوات مشاة البحرية الأمريكية في سن مبكرة، حيث خدم لأربع سنوات، وهو ما ساهم في تشكيل شخصيته القوية.
وبعد مغادرته الجيش، انتقل إلى نيويورك حيث بدأ خطواته الأولى في مجال الفن، محاولا أن يُثبت نفسه كممثل؛ ما دفعه للعمل في أدوار هامشية على مسارح المدينة قبل أن تبدأ موهبته في الظهور بشكلٍ واضح.
في منتصف الستينيات، بدأ جين هاكمان في الظهور على الشاشة الكبيرة من خلال دور مساعد في فيلم بوني وكلايد عام 1967، الذي كان نقطة تحول مهمة في مسيرته.
ومن هنا، بدأت العروض تتوالى على هاكمان ليأخذ أدوارا متعددة في السينما والتلفزيون والمسرح.
وقد ترشح هاكمان للمرة الأولى لجائزة الأوسكار عن فيلمه الأول في السينما الكبرى، وحصل بعدها على جوائز متعددة تكريما لأدائه، من أبرزها فوزه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في الرابط الفرنسي (1971)، الذي أصبح علامة بارزة في تاريخ السينما الأمريكية.
كانت السبعينيات بمثابة عصر ذهبي بالنسبة لهاكمان، حيث أبدع في مختلف الأدوار، من الدراما إلى الأفلام البوليسية والكوميدية.
وقد أظهر براعة فائقة في تقديم أدوار عميقة ومعقدة مثل فيلم الرابط الفرنسي، بينما أسهم في صناعة أفلام فنية ضخمة، مثل سوبر مان، ليظهر في الأجزاء الأولى من السلسلة الشهيرة.
وعلى الرغم من سعيه وراء أدوار متعددة، لم يتجاهل هاكمان تقديم أدوار كوميدية مميزة، وكانت من أبرز تجاربه "فرانكشتاين الصغير"؛ إذ أبدع في تقديم شخصية غريبة تجمع بين الفكاهة والدراما.
خلال الثمانينيات، قدم جين هاكمان العديد من الأدوار الجريئة والمتنوعة التي أثبتت مرونته، مثل فيلم هوسرس (1986)؛ إذ تألق في دور مدرب كرة سلة، وأثبت أن قدرته على الأداء تَتجاوز الأنماط التقليدية.
وواصل هاكمان النجاح بجوائز متعددة وترشيحات لمختلف المهرجانات السينمائية. لكنه ظل حريصا على تنويع أدواره بشكل غير تقليدي؛ ما جعله يتميز بين أقرانه من الممثلين.
في التسعينيات، تعرض جين هاكمان لمشاكل صحية أثرت في أدائه الفني لبعض الوقت، لكنه سرعان ما تعافى ليعود إلى الساحة السينمائية، حيث أسهم في أفلام بارزة مثل غير المتسامح (1992) الذي منحه جائزة أوسكار جديدة.
واستمر هاكمان في إثبات جدارته على مر السنين، وقام بأداء أدوار متجددة في أفلام وقفت أمامها جماهير متنوعة، مستفيدا من خبرته الكبيرة في التعامل مع الشخصيات المعقدة.
بحلول الألفية، بدأ هاكمان في تقليل مشاركته في الأفلام، وكان آخر أفلامه "مرحباً بكم في موسبورت" عام 2004، ورغم قلة ظهوره السينمائي، بقي اسمه مرجعا مهما في صناعة السينما الأمريكية والعالمية.
وفي 2003، نال جين هاكمان جائزة "سيسيل بي. ديميل" في حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب تقديرا لإسهاماته الكبيرة في مجال السينما.
بعد قراره المفاجئ بالاعتزال عام 2004، استقر جين هاكمان بعيدا عن الأضواء، ولكنه لم يبتعد تماما عن عالم الإبداع، فقد تحول إلى الكتابة الأدبية، حيث أصدر عدة روايات، كما استمر في ممارسة هوايته في سباقات السيارات، وحقق نجاحا في العديد من السباقات الرياضية.
على الصعيد الشخصي، تزوج هاكمان مرتين. كان زواجه الأول من فاي مالتيس لمدة ثلاثة عقود، وأنجب منها ثلاثة أطفال، ثم تزوج ببيتسي أراكاوا في التسعينيات.