السيدة فيروز

أبرز المحطات الفنية في مسيرة فيروز.. كيف أصبحت صوت لبنان الخالد؟

مشاهير
فريق التحرير
20 نوفمبر 2024,4:06 م

فيروز؛ الاسم الذي يتردد صداه في كل صباح في العالم العربي، ليست مجرد مطربة، بل هي ظاهرة فنية وأيقونة إنسانية. بصوتها الدافئ والقوي في آن واحد، أصبحت رمزاً للحب والسلام والوطنية. مسيرتها الممتدة لعقود طويلة مليئة بالتجارب والنجاحات، جعلتها "صوت لبنان الخالد" وإحدى أعظم الشخصيات الموسيقية في العالم العربي، من خلال التقرير التالي نسلط الضوء على حياة فيروز وأبرز محطاتها الفنية التي جعلتها أسطورة خالدة.

نشأة جارة القمر "فيروز" 

88dd236d-9e10-45d2-a6df-a22d14f26ba4

ولدت نهاد رزق وديع حداد، المعروفة باسم فيروز، في 21 نوفمبر \ تشرين الثاني 1935م، في قضاء الشوف بجبل لبنان، ونشأت في حارة زقاق البلاط في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية بيروت، كانت تنتمي إلى عائلة بسيطة، فقد عمل والدها في مطبعة صغيرة لدعم الأسرة، وكان لنشأتها في حي شعبي أثر في حياتها المليئة بالتحديات.

منذ صغرها، أظهرت نهاد شغفاً بالغناء، وكانت تتسلل إلى أجواء الطفولة البسيطة بأغانيها، لاحظ المعلمون في مدرستها الابتدائية موهبتها الفريدة، وشجعوها على الغناء في المناسبات المدرسية، فكان ذلك بمثابة أول خطوة نحو تحقيق حلمها.

التحاقها بالإذاعة اللبنانية

في عام 1947، بدأت نهاد رحلتها المهنية عندما انضمت إلى فرقة الإذاعة اللبنانية كمغنية كورال، لفت صوتها النقي انتباه الملحن الكبير حليم الرومي، الذي كان مديراً للإذاعة في ذلك الوقت.

أغنية "تركت قلبي وطاوعت حبك" كانت أولى أغاني فيروز التي غنتها عبر الإذاعة في عام 1950، ولكن لم تُسجل في ذلك الوقت، الأغنية من كلمات ميشيل عوض وألحان حليم الرومي، وبعدها، لحن الرومي العديد من الأغاني لفيروز، مثل أغنية "عاشق الورد" من كلمات محمد السباع، وأغنية "يا حمام يا مروح" من كلمات فتحي قورة.

غنت في عام 1952 أغنيتها الشهيرة "بحبك مهما أشوف منك"، كما قدمت فيروز أغنية "لنا بلادنا" من ألحان الأخوين فليفل، وأغنية "ميسلون" من كلمات وألحان الأخوين رحباني.

كان الرومي مقتنعًا بأن صوتها مختلف تماماً عن أي صوت آخر، لذلك اقترح اسم "فيروز"، الذي يعني الحجر الكريم، ليعكس جمال صوتها النادر، بعد ذلك، قدمت بعض الأغاني الفردية التي لاقت استحساناً محدودًا، لكن لقاءها بالأخوين رحباني كان نقطة التحول الحقيقية في مسيرتها الفنية.

أخبار ذات صلة

فيروز في صورة جديدة بعدسة ابنتها ريما الرحباني

تعاون فيروز مع الأخوين رحباني

f9bc6904-a92e-42a4-aef9-fc162d58769b

في أواخر الأربعينيات، التقت فيروز عاصي رحباني الذي كان يعمل مع شقيقه منصور رحباني على تطوير نوع جديد من الموسيقى، رأى الأخوان في صوت فيروز القدرة على إيصال مزيج من الموسيقى الشرقية والغربية بأسلوب جديد ومختلف.

بدؤوا في تقديم أغانٍ ذات طابع مختلف تمامًا عن السائد في ذلك الوقت، وكانت الأغاني الأولى مثل "عتاب" و"راجعون" مليئة بالحنين والشجن، ومع مرور الوقت، أصبح الثلاثي (فيروز والأخوان رحباني) أيقونة للموسيقى الحديثة في لبنان والعالم العربي.

نجاح "فيروز" في المهرجانات الكبرى

أصبحت فيروز الوجه المشرق للمهرجانات اللبنانية الكبرى مثل:

مهرجان بعلبك الدولي، حيث قدمت عروضاً ساحرة أمام جمهور واسع.

مهرجان الأرز، الذي عزز مكانتها كرمز للبنان.

مهرجان دمشق الدولي، حيث لقيت أعمالها تقديرًا كبيرًا من الجمهور السوري.

في تلك المهرجانات، قدمت أغاني مثل "زهرة المدائن" و"بحبك يا لبنان" التي لاقت رواجًا واسعًا، لتصبح صوتًا يمثل القيم الوطنية والحب للوطن.

فيروز والمسرح الغنائي

ee935c49-c453-44b5-aa93-25e6c1fa645a

تميزت مسيرة فيروز بتقديم المسرحيات الغنائية، وهو نوع فني جمع بين الغناء والتمثيل والموسيقى، إذ قدمت مع الأخوين رحباني أكثر من 15 مسرحية، من أبرزها:

  • بياع الخواتم
  • هالة والملك.
  • الشخص
  • جسر القمر
  • الليل وقنديل
  • ميس الريم
  • بترا
  • المحطة

كانت هذه المسرحيات أكثر من مجرد عروض غنائية؛ كانت مزيجاً من الفن المسرحي والشعر والرسائل السياسية والاجتماعية.

فيروز في عالم السينما

c72fea5f-f7dd-4260-bd99-e1c164927e04

إلى جانب إبداعها في الغناء بصوتها الملائكي، وفي المسرح الغنائي، تألقت فيروز أيضًا في عالم السينما، فقدمت مجموعة من الأفلام التي حققت نجاحًا باهراً، وما زالت تُعرض حتى اليوم.

أدت فيروز أدوار البطولة إلى جانب نخبة من الممثلين اللبنانيين، وبرزت هذه الأفلام كإضافة مميزة لمسيرتها الفنية، ومن أبرز أفلامها:

فيلم بياع الخواتم

يُعد من أجمل أفلام فيروز السينمائية، إذ شاركت فيه بدور البطولة مع الفنان نصري شمس الدين والفنان جوزيف ناصيف. الفيلم من إخراج المخرج العالمي يوسف شاهين وتأليف الأخوين رحباني، وتم عرضه للمرة الأولى في عام 1965م.

فيلم سفر برلك

عُرض هذا الفيلم للمرة الأولى في لبنان عام 1967م، كتب نصه الأخوان رحباني، وأخرجه هنري بركات، وشارك في البطولة إلى جانب فيروز كل من عاصي رحباني، رفيق سبيعي، وسلوى حداد، ما أضاف إلى رونقه الفني.

فيلم بنت الحارس

تم عرض هذا الفيلم عام 1968م، ويُعد من أبرز الأفلام العربية واللبنانية. جسدت فيروز دور البطولة فيه إلى جانب ممثلين بارزين مثل نصري شمس الدين، رفيق سبيعي، وإلياس رزق، ما جعله أحد أبرز أعمالها السينمائية وأكثرها تميزاً.

فيروز والحرب الأهلية اللبنانية

مع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975، أصبحت أغاني فيروز أكثر ارتباطًا بالشأن الوطني، ومن أغاني تلك الفترة:

  • بحبك يا لبنان.
  • لبيروت.
  • إلى متى يا رب.

خلال هذه الفترة، رفضت فيروز الانحياز لأي طرف سياسي، مما جعلها رمزاً للوحدة الوطنية، واحتفظت بمكانتها كصوت محايد يعبّر عن هموم الشعب.

تأثير وفاة عاصي رحباني في فيروز

كان عام 1986 صعباً على فيروز؛ بسبب وفاة عاصي رحباني، شريكها في الحياة والفن، ومع ذلك، واصلت مسيرتها الفنية بشجاعة، فقد تعاونت مع ابنها زياد الرحباني، الذي أضاف أسلوبًا موسيقيًا جديدًا وأكثر حداثة.

تعاونت مع زياد في ألبومات مثل:

  • كيفك إنت.
  • مش كاين هيك تكون.
  • بليل وشتي.

أبرز الجوائز التي حصلت عليها السيدة فيروز

3f4ce591-a8a6-494b-9922-a0ae603fdbd0

حصلت السيدة فيروز على العديد من الجوائز والأوسمة الرفيعة طوال مسيرتها الفنية الطويلة، التي امتدت لعدة عقود، تقديرًا لموهبتها الفريدة وإسهاماتها الكبيرة في الفن والموسيقى. ومن أبرز الجوائز التي نالتها:

وسام الاستحقاق اللبناني

في عام 1957، حصلت فيروز على وسام الاستحقاق اللبناني من الرئيس اللبناني كميل شمعون، وهو من أعلى الأوسمة التي يمكن أن تُمنح لفنان في لبنان، وهذه الجائزة تمثل تقديراً لمساهماتها الفنية الكبيرة وتأثيرها العميق في الساحة الفنية اللبنانية.

وسام الأرز - رتبة فارس لبنان ووسام الاستحقاق اللبناني

في عام 1962، تم تكريم فيروز مرة أخرى بمنحها وسام الأرز - رتبة فارس لبنان، إلى جانب وسام الاستحقاق اللبناني، مما أضاف إلى سجّلها الحافل بالإنجازات التقديرية من الدولة اللبنانية.

ميدالية الكرامة

في عام 1963، قدم لها الملك الحسين ملك الأردن ميدالية الكرامة؛ تكريماً لمساهمتها الثقافية والفنية، مما يعكس اعترافاً عربياً وعالمياً بإبداعها.

وسام الاستحقاق السوري

في عام 1976، حصلت فيروز على وسام الاستحقاق السوري، وهو تكريم من الحكومة السورية تقديراً لمكانتها الكبيرة في الساحة الفنية العربية.

طوابع بريدية تذكارية

في عام 1975، أصدر البريد اللبناني طوابع بريدية تحمل صورة فيروز كنوع من التكريم والتقدير لإسهاماتها الثقافية والفنية، مما يبرز مكانتها الفريدة في تاريخ الفن العربي.

وسام الكوموندور الفرنسي 

في عام 1988، تم منح فيروز وسام الكوموندو ر من فرنسا، وهو من أرفع الأوسمة الثقافية الفرنسية؛ تكريماً لجهودها الفنية التي تخطت الحدود العربية إلى العالمية.

وسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى

منحها الملك الحسين أيضاً وسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى؛ تقديراً لمساهمتها في نشر الثقافة والفن العربي على المستوى الدولي.

جائزة القدس

في عام 1997، حصلت فيروز على جائزة القدس من فلسطين؛ كاعتراف بمكانتها الفنية الكبيرة ودورها في دعم القضايا العربية من خلال الفن.

وسام الثقافة الرفيعة من تونس

تم تكريم فيروز بـوسام الثقافة الرفيعة من تونس؛ تقديراً لإسهاماتها الفنية في الثقافة العربية والعالمية، ولدورها البارز في الترويج للفن اللبناني والتعبير عن القضايا الإنسانية من خلال أغانيها.

ميدالية الفن الفرنسية

في عام 1997، حصلت على ميدالية الفن للمرة الثانية من فرنسا؛ تقديرًا لإبداعها الفني الفريد الذي أصبح جزءاً من الثقافة العالمية.

ميدالية الإسهام الاستثنائي من الدرجة الأولى

في مناسبة أخرى، منحها الملك الحسين ميدالية الإسهام الاستثنائي من الدرجة الأولى؛ تقديراً لدورها البارز في مجال الفن والموسيقى، وإسهاماتها العميقة في مجال الثقافة العربية.

الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت

في خطوة تاريخية، حصلت فيروز على الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية في بيروت، لتصبح بذلك أول مطربة في العالم العربي تحصل على هذا اللقب المرموق من إحدى أعرق الجامعات في المنطقة.

أخبار ذات صلة

بفيديو نادر من نيويورك.. ريما الرحباني تحتفل بعيد ميلاد فيروز

آراء كبار المشاهير بصوت فيروز

dff2eb2d-113e-47c4-99c3-74bac08a09a9

نزار قباني

وصف صوت فيروز بأنه أعظم ما سمع في حياته، مشيرًا إلى أنه صوت فريد في الشرق والغرب. قال إنها "رسالة حب من كوكب آخر"، وإنها أبهرت الناس بالنشوة والوجود، وأكد أن كل الكلمات والتعابير تعجز عن وصفها، لأنها مصدر النقاء والطيبة في حد ذاتها.

محمود درويش

اعتبر محمود درويش فيروز ظاهرة طبيعية لا مثيل لها. وقارن صوتها بصوت ماريا أندرسون، مشددًا على أن صوتها يتجاوز حدود الذاكرة. وصفها بأنها ليست فقط سفيرة لبنان إلى النجوم، بل هي رمز للثبات والاستمرارية، قائلاً: "هي رمز لمجموعات ترفض أن تموت، ولن تموت".

محمد عبد الوهاب

أشاد بها كـ"معجزة لبنانية"، واعتبر صوتها الأرق والأجمل بين كل الأصوات التي عرفها الغناء. قال إن صوتها يشبه "خيوط الحرير وأشعة الفضة". وأثنى على تعاونها مع الأخوين رحباني، واصفًا أعمالهم بأنها إنجاز فني استثنائي جمع بين سرعة الأداء وروعة الموسيقى، وأن فيروز كانت العنصر الذي أكمل هذه المعجزة الغنائية.

منصور الرحباني

أكد أن فيروز كانت ظاهرة استثنائية منذ ظهورها الأول قبل نصف قرن، مشيرًا إلى أن صوتها وأداءها لن يتكررا. وصف صوتها بأنه يحمل جمالًا خارقًا جاء نتيجة صقل وتجارب فنية فريدة. وأضاف أن تأثيرها تجاوز حدود الموسيقى ليصل إلى الشعراء في لبنان والعالم العربي، لأنها لم تكن مجرد صوت، بل هي رمز فني استثنائي.

google-banner
foochia-logo