يوافق الأربعاء اليوم السابع من أغسطس، ذكرى رحيل "أمير الأغنية الشعبية" الفنان المصري حسن الأسمر، الذي رحل جسده إلا أن صوته الشجي لا يزال يتردد في وجدان جمهوره محبي الفن الشعبي.
وقد تمكن الأسمر خلال مسيرته الفنية الطويلة من التعبير عن مشاعر الناس البسيطة وهمومهم اليومية بأسلوب عفوي ومباشر، إذ حملت كلمات أغنياته الحكمة والتجربة في طياتها.
كما أن اختياره للألحان كان يعكس روح الشارع المصري النابضة بالحياة، ما جعل حسن الأسمر المولود في 21 أكتوبر 1959 في منطقة عطفة الليثي بدرب "القشلاق" بالعباسية في القاهرة، صوتًا لا يُنسى.
بدأت رحلة حسن الأسمر الذي تعود أصوله إلى محافظة قنا المصرية، من خلال موهبة فطرية اكتشفتها الصدفة، فكان يردد الأغاني الشعبية في حفلات الأعراس والمناسبات الاجتماعية، حتى لفت صوته الشجي أنظار المارة الذين شجعوه على دخول عالم الاحتراف.
وكانت بداياته متواضعة، إذ شارك في بعض الحفلات الصغيرة والمقاهي الشعبية، وتردد منذ سن مبكرة على حلقات الذكر وحفلات الزفاف، قبل أن يحصل على فرصته الحقيقية في عالم الأضواء.
وبطريقة عفوية ولحظة فارقة، استجاب حسن الأسمر لإعلان شركة "صوت الجيزة" عندما بحثت عن أصوات جديدة، فقدم أداءً أذهل الجميع.
وكانت أغنيته الأولى "عليل أنا يا تمر حنة" بمنزلة انطلاقته الحقيقية، التي مهدت الطريق لإنتاج أول ألبوم له "عيون ست البنات".
لم يكتفِ حسن الأسمر بالغناء، بل امتدت موهبته لتشمل التمثيل والمسرح، إذ قدم العديد من الأفلام التي تركت بصمة واضحة في ذاكرة الجمهور، مثل "رجل ضد القانون" و"الزنكلوني".
وشارك في العديد من المسلسلات التليفزيونية التي حققت نجاحًا كبيرًا، مثل "دعوة للحياة" و"أرابيسك".
ولم يقتصر عطاؤه على الشاشة فقط، بل قدم الكثير من العروض المسرحية التي نالت استحسان الجمهور والنقاد.
ترك حسن الأسمر إرثًا غنائيًا ثريًا، إذ قدم العديد من الأغنيات التي حُفرت في ذاكرة المستمعين.
ومن أشهر أغنياته "توهان"، "سمارة"، و"كتاب حياتي يا عين"، التي ما زالت تُردد حتى الآن، فكانت كلماته البسيطة وألحانه العذبة تعبر عن هموم وآمال الناس، ما جعله قريبًا من قلوبهم.
شكلت "الوحمة" علامة فارقة في مظهر المطرب الشعبي حسن الأسمر، فقد حاول في البداية إخفاءها عن الأنظار، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى جزء لا يتجزأ من شخصيته، واعتبرها البعض تميمة حظه.
كانت رحلة حسن الأسمر الفنية حافلة بالإنجازات والتحديات، وقد ترك بصمة واضحة في تاريخ الفن المصري، فبصوته الشجي وأدائه المميز، استطاع أن يحفر اسمه في قلوب الملايين، وسيظل اسمه مرتبطًا بالأغنية الشعبية المصرية.
لم تكن حياة الفنان الشعبي الكبير حسن الأسمر مجرد مسيرة فنية حافلة، بل كانت رحلة مليئة بالمشاعر والأحاسيس التي تجلت في كل أغنية قدمها.
وعلى الرغم من نجاحه الكبير، واجه حسن الأسمر بعض التحديات في مسيرته الفنية، فلم يكن راضيًا عن آخر ألبوماته "ابن القمر"، ولكنه اضطر لطرحه بسبب التزامات تعاقدية.
كما اختفى عن الساحة الفنية لفترة قبل أن يعود بأغنية "اسمع بقى" التي حققت نجاحًا كبيرًا.
ولكن القدر كان له شأن آخر، فبعد هذا النجاح المفاجئ، رحل عن دنيانا في العام 2011 إثر أزمة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز 52 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا غنيًا وأثرًا بالغًا في قلوب محبيه.
ومن بين القصص المؤثرة عن حسن الأسمر، قصة أغنيته الأخيرة "بحب الحياة" التي سجلها قبل وفاته بأيام قليلة ولم تر النور، والتي كانت تحمل في طياتها رسالة أمل وتفاؤل، وكأنه أراد أن يترك بصمة أخيرة تعكس روحه المرحة.
وفقًا لهاني نجل حسن الأسمر، وفي أحد اللقاءات التلفزيونية قال: كان والدي يعيش كل كلمة يغنيها، لدرجة أنه بكى أثناء تسجيل أغنية "كتاب حياتي يا عين" لما تحمله من معانٍ عميقة.
وكشف هاني عن عادة فريدة لوالده، وهي شرب الشاي بالحلاوة الطحينية للحفاظ على صوته، ما يدل على مدى اهتمامه بتفاصيل أدائه.
وأضاف أن والده كان مدمنًا لفن الطبخ، وكان محبًا لكل أنواع الأكل خاصة "الطواجن".
وأشار هاني أنه يدرس إعادة توزيع أغاني والده، وتقديمها مجدداً.
لم يقتصر حب حسن الأسمر على الفن فقط، بل كان مشجعًا للنادي الأهلي المصري، وكان يحفظ أسماء لاعبي فريقه المفضل.
كما كان شخصية مجتمعية بارزة، إذ اعتاد تنظيم دورة رمضانية سنوية في حي العباسية، ليشجع على ممارسة الرياضة بين الشباب.