بين البساطة والتألق، ظلت الفنانة الراحلة سهير البابلي، رمزًا للفن الراقي وأيقونة خالدة في تاريخ المسرح والسينما والتلفزيون.
واستطاعت بروحها المرحة، حفر اسمها في قلوب الملايين، وترك إرث فني وإنساني لا يُنسى. وفي ذكرى رحيلها التي تصادف الـ 21 من نوفمبر، نستعيد ملامح حياتها الاستثنائية، وأعمالها التي جعلتها جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة الجمهور العربي.
وُلدت سهير حلمي إبراهيم البابلي يوم 14 فبراير من عام 1935، في مركز فارسكور بمحافظة دمياط، وسط بيئة كشفت مبكراً عن موهبتها الفطرية.
والتحقت بمعهدي الفنون المسرحية والموسيقى، لتبدأ رحلتها في عالم الفن.
كما تألقت على خشبة المسرح بأعمال بارزة مثل شمشون وجليلة وسليمان الحلبي، إلا أن شهرتها الواسعة جاءت مع أعمال أيقونية مثل مدرسة المشاغبين، وريا وسكينة، والدخول بالملابس الرسمية، التي رسخت اسمها كنجمة المسرح الأولى.
امتدت موهبة البابلي إلى عالم السينما والتلفزيون، حيث قدّمت أدواراً مميزة أظهرت قدراتها الفريدة في الكوميديا والدراما.
ولمع اسمها في التلفزيون من خلال المسلسل الشهير بكيزة وزغلول، الذي حقق نجاحاً استثنائياً وقت عرضه. أما في السينما، فقدّمت أفلاماً مثل ليلة عسل، واستقالة عالمة ذرة، لتثبت قدرتها على التنقل بين ألوان فنية متعددة.
عام 1997، وخلال عرض مسرحية عطية الإرهابية، أعلنت سهير البابلي اعتزالها وارتداء الحجاب، مؤكدة أن هذا القرار جاء بدافع روحاني وشعور بالرهبة من لقاء الله.
وتأثرت البابلي بشدة بأحاديث الشيخ الشعراوي والدكتور مصطفى محمود؛ ما دفعها للتفرغ للحياة الروحية. ولاحقاً، عادت للفن من خلال مسلسل قلب حبيبة، بعد دعم من الشعراوي الذي شجعها على التمثيل بالزي المحتشم.
خاضت البابلي تجارب زواج متعددة أثرت في حياتها الشخصية والمهنية. ومن أبرز زيجاتها كان زواجها من الملحن منير مراد، الذي اعتنق الإسلام من أجلها، والفنان أحمد خليل، الذي انفصل عنها بعد عامين.
وتلك العلاقات أضافت بعداً إنسانياً إلى حياتها، حيث ظلّت تُعرف بشخصيتها العاطفية والقوية في آنٍ واحد.
في 21 نوفمبر 2021، رحلت سهير البابلي عن عمر ناهز 84 عاماً، بعد صراع مع المرض.
وتركت وصية إنسانية مؤثرة، حيث طلبت من زوج ابنتها الاستمرار في تقديم المساعدات الخيرية التي كانت تهتم بها، لتبرهن أن مسيرتها لم تكن فقط فناً، بل حياة مفعمة بالعطاء.