تعد الفنانة المصرية الراحلة سناء جميل، إحدى أعظم نجمات السينما والمسرح المصري، فسناء التي رحلت عن عالمنا في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2002، تركت بصمة لا تُنسى في تاريخ الفن العربي. بدأت مسيرتها الفنية في سن مبكرة، وعرفت بقدرتها على أداء أدوار متنوعة، كما لفتت الأنظار بموهبتها الفائقة التي جعلتها إحدى أشهر الممثلات في مصر والوطن العربي. في ذكرى وفاتها، نسترجع معاً أبرز محطات حياتها وأعمالها التي ما زالت خالدة في ذاكرة جمهورها.
ولدت ثريا يوسف عطالله يوم 27 أبريل/ نيسان 1930 بمحافظة المنيا، ودرست في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرجت منه عام 1953. ورغم أنها واجهت صعوبات كبيرة في بداية مشوارها؛ بسبب خلافها مع أسرتها نتيجة لانغماسها في الفن، فإنها تمسكت بحلمها، وأثبتت نفسها كممثلة موهوبة. وقد اختار لها الفنان زكي طليمات، اسم "سناء جميل" ليكون اسمها الفني، وجاءت بدايتها الحقيقية في المسرح، حيث شاركت في مسرحية "الحجاج بن يوسف"، لتتوالى بعدها النجاحات.
انطلقت مسيرة سناء جميل السينمائية مع فيلم "بداية ونهاية" عام 1960، الذي شكل انطلاقتها الحقيقية، وجسدت فيه شخصية "نفيسة" المأخوذة عن قصة نجيب محفوظ، وحقق لها الفليم شهرة واسعة في الوسط الفني. وبعد هذا النجاح، قدمت العديد من الأعمال السينمائية البارزة مثل: "المستحيل" (1965)، و"الزوجة الثانية" (1967)، إضافة إلى فيلم"الرسالة" (1976)، وقدمت فيه شخصية "سمية" أول شهيدة في الإسلام، في عمل تاريخي ضخم للمخرج مصطفى العقاد.
لم تقتصر شهرة سناء جميل على السينما، بل كانت لها بصمة كبيرة في المسرح أيضاً؛ إذ قدمت العديد من المسرحيات التي لاقت إعجاب النقاد والجمهور على حد سواء. ومن أبرز هذه الأعمال مسرحية "زهرة الصبار" التي قدمت فيها شخصية "جيهان"، إضافة إلى "الست عايزة كده"، و"طيور الحب"، حيث كانت دائماً حاضرة بأدائها الراقي والمميز. كانت دائماً قادرة على تجسيد الشخصيات بعمق وصدق؛ ما جعلها من أبرز الوجوه المسرحية في تاريخ الفن المصري.
على صعيد الدراما التلفزيونية، أثبتت سناء جميل قدرتها على تقديم شخصيات متنوعة ومعقدة، فكانت حاضرة في العديد من المسلسلات الناجحة التي تراوحت بين الدراما الاجتماعية والتاريخية. من بين أبرز أعمالها التلفزيونية "سور مجرى العيون" (1993)، و"الحب وسنينه" (1989)، حيث قدمت شخصيات تمزج بين الجدية والعاطفة؛ وهو ما جعلها تحصد محبة الجمهور واعتراف النقاد.
في حياتها الشخصية، تزوجت سناء جميل من الكاتب الصحفي الكبير لويس جريس في منتصف الستينيات، وكان زواجها من شخصية بعيدة عن الأضواء سبباً في الحفاظ على حياتها الخاصة بعيداً عن كاميرات الإعلام، ورغم انشغالها الدائم بالفن، إلا أنها كانت دائماً حريصة على التوازن بين حياتها الفنية والشخصية.
رحلت سناء جميل عن عالمنا يوم 22 ديسمبر 2002، تاركة وراءها تاريخاً فنياً حافلاً بالأعمال التي ساهمت في تشكيل الوجدان الثقافي العربي. كانت وفاة هذه الفنانة الكبيرة بمثابة خسارة حقيقية للفن المصري؛ إذ تركت فراغًا لا يمكن ملؤه بسهولة.
في 2016، كُرمت من خلال الفيلم التسجيلي "حكاية سناء" الذي أخرجته المخرجة روجينا بسالي، ليظل اسمها حاضراً في ذاكرة جمهورها ومحبيها، وما زال الفن المصري يحتفظ لها بمكانة كبيرة في قلوب الجميع.