وصل "مسبار الأمل" الذي أطلقته دولة الإمارات، مساء الثلاثاء، إلى كوكب المريخ، ليكون بذلك أول مهمة عربية تحقق هذا الإنجاز، بعد رحلة استمرت 7 أشهر قُطعت خلالها مسافة 494 مليون كيلومتر.
ويدير مشروع مسبار الأمل لاستكشاف المريخ فريق عمل، يتكون من 7 أقسام، ويضم أكثر من 150 مهندساً وباحثاً، يعملون بمختلف التخصصات العلمية والتقنية والهندسية والإدارية، ووصلت المشاركة النسائية في هذا المشروع إلى 34% من فريق العمل، والتي تعتبر الأعلى عالمياً، بينما شكلت نسبة الباحثات في الفريق العلمي للمشروع 80% من العدد الإجمالي للفريق، وتأتي هذه المؤشرات المهمة، لتعكس المجهودات الضخمة التي بذلتها الدولة لتمكين المرأة الإماراتية في كل القطاعات وخصوصاً في مجال الفضاء.
وتقول مريم الشامسي قائدة الأجهزة العلمية بالفريق العلمي لمشروع مسبار الأمل إن "وجود 80% من الشابات الإماراتيات ضمن الفريق، يعتبر إنجازاً مهماً يعكس مدى تطور قدرات الفتاة الإماراتية في كل القطاعات، وخصوصاً في المشروعات المختلفة في قطاع الفضاء، حيث نجدهن موجودات ضمن كل فرق عمل المشاريع المختلفة، التي يعمل عليها مركز محمد بن راشد للفضاء، فضلاً عن الجهات الأخرى المتخصصة"، مبينة أن السنوات الماضية كرست نجاحات كبيرة لهن، دعمه التأهيل والتدريب المتواصل داخل الدولة وخارجها تعززه برامج نقل المعرفة.
وذكرت هيام البلوشي مهندسة تركيب وتجميع واختبار وضمان الجودة في مشروع مسبار الأمل أنها تخرجت في جامعة خليفة 2011، وكانت إحدى 8 طالبات تخرجن في قسم الهندسة الميكانيكية بمرتبة الشرف، مبينة أنها تحمست منذ تخرجها في الجامعة، وبعد حصولها على فرصة للتدريب في وكالة «ناسا»، لفكرة العمل في قطاع الفضاء، وفور الإعلان عن مشروع «مسبار الأمل» أصبح حلمها وهدفها أن تكون جزءاً من فريق العمل المتميز العامل على هذا المشروع الوطني الكبير.
وذكرت حصة علي حسين مهندسة نظم التحكم ومعالجة البيانات في مسبار الأمل أنها حصلت على بكالوريوس وماجستير في الهندسة الكهربائية من الجامعة الأمريكية في الشارقة، وفور تخرجها التحقت للعمل في قطاع الفضاء مباشرة، معتبرة أن ذلك يمثل فخراً كبيراً لها للمساهمة بمجهودها في هذا القطاع، وخصوصاً مشروع مسبار الأمل، الذي تراه مهمة تاريخية للإمارات والعرب يضعها في مكانتها اللائقة التي تستحق.
وبدورها قالت المهندسة عائشة صلاح الدين شرفي إنه «مع تقلد المرأة الإماراتية الكثير من المهام والمناصب، أصبح ليس غريباً أن نراها متخصصة في الهندسة بكل فروعها، فضلاً عن عملها في مختلف المشروعات الفضائية في الدولة، فيما يعكس ذلك جهود قادة الدولة وحكومتها لتمكينها في كل المجالات».
وتعمل فاطمة حسين لوتاه الباحثة العلمية ضمن فريق الأجهزة العلمية لمسبار الأمل، التي تعمل على دراسة حالة الأكسجين وأول أكسيد الكربون في الغلاف العلوي لكوكب المريخ، وهي متخصصة في جهاز مطياف الأشعة الفوق البنفسجية، فيما حصلت على البكالوريوس في العلوم في الهندسة الكيميائية، والماجستير في الإدارة الهندسية من الجامعة الأمريكية في الشارقة.
ويجعل هذا الإنجاز من الإمارات، خامس دولة تصل إلى المريخ، وسيتيح للمسبار البدء في إرسال بيانات عن الغلاف الجوي والمناخ هناك.
ويأتي برنامج المريخ في إطار جهود الإمارات لتطوير قدراتها العلمية والتكنولوجية. ولوكالة الإمارات للفضاء خطة طموحة لبناء مستوطنة على المريخ بحلول عام 2117.
يذكر أنه مع دخول مسبار الأمل مدار الالتقاط حول المريخ، تبدأ سرعته بالتباطؤ ذاتيا من 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة فقط، وذلك خلال 27 دقيقة تعرف باسم "الـ27 دقيقة العمياء"، وذلك باستخدام محركات الدفع العكسي الستة "دلتا في" المزود بها المسبار.
وخلال الدقائق العمياء هذه يعالج "مسبار الأمل"، كافة التحديات بطريقة ذاتية، إذ يكون الاتصال بمركز التحكم في المحطة الأرضية بالخوانيج في دبي متأخرا.
وتعد اللحظة الحاسمة، هي عندما يتمكن فريق المحطة الأرضية في الخوانيج من استلام الإشارة من المسبار فور تخطيه الدقائق الـ27 العمياء إيذانا بإعلان نجاح المهمة في هذه المرحلة.
الجدير بالذكر أن استقبال إشارات الراديو من المريخ إلى الأرض يستغرق نحو 20 دقيقة، ولتخطي هذا التحدي فقد صمم "مسبار الأمل" بطريقة يستطيع من خلالها إكمال عملية الالتقاط بشكل آلي دون الحاجة للتحكم من المحطة الأرضية.
ومن المقرر أن يظل مسبار الأمل في مداره حول المريخ فترة عامين، أو "سنة مريخية"، يدرس خلالها كل ما له علاقة بطقس وجو الكوكب الأحمر، مستعينا بثلاثة أجهزة علمية متطورة، هي المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، والمقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية، وكاميرا استكشاف رقمية عالية الدقة.
وصممت الأجهزة العلمية الثلاثة خصيصا لإتمام هذه المهمة ودراسة الجوانب المختلفة للغلاف الجوي للمريخ، فالمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، سيقوم بدراسة الطبقة السفلى من غلاف المريخ بواسطة حزم من الأشعة تحت الحمراء، كما سيقوم بقياس انتشار الغبار والسحب الجليدية وبخار الماء وأنماط درجة الحرارة.
ويمكننا من خلال هذا المقياس معرفة الروابط بين الطبقة السفلى والعليا من الغلاف الجوي للمريخ بالتزامن مع المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية وكاميرا الاستكشاف الرقمية.
من ناحيتها، ستقوم كاميرا الاستكشاف EXI بدراسة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي للمريخ بشكل مرئي، حيث ستلتقط صورا عالية الدقة للمريخ، وقياس العمق البصري للماء المتجمد في الغلاف الجوي، وقياس مدى وفرة الأوزون، ثم تقديم صور مرئية للمريخ ملتقطة عبر الغلاف الجوي.
ومن مهام المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية EMUS، تحديد مدى وفرة وتنوع أول أكسيد الكربون والأكسجين في الغلاف الحراري على نطاقات زمنية شبه موسمية، وحساب التركيب ثلاثي الأبعاد والنسب المتغيرة للأكسجين والهيدروجين في الغلاف الخارجي، وقياس نسب التغير في الغلاف الحراري.
ويتلخص هدف هذه المهمة في دراسة الغلاف الجوي للمريخ وأسباب تآكله، وسيتم توفير البيانات التي سيجمعها "مسبار الأمل" للمراكز العلمية والبحثية في العالم، لدراسة أعمق لطبقات الغلاف الجوي للمريخ وأسباب فقدان غازي الهيدروجين والأوكسجين منها، ودراسة التغيّرات المناخية وعلاقتها بتآكل سطح المريخ الذي كان أحد أسباب اختفاء الماء السائل عنه.
وأطلق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، مسبار الأمل من مركز فضائي ياباني. ويستهدف تقديم صورة كاملة عن الغلاف الجوي للمريخ لأول مرة، ودراسة التغيرات اليومية والموسمية.
وأعلنت الإمارات خططها للمهمة لأول مرة في 2014، وأطلقت البرنامج الوطني للفضاء في 2017 من أجل تطوير الخبرات المحلية.
وأصبح هزاع المنصوري، أول إماراتي يصل إلى الفضاء في 2019، عندما سافر إلى محطة الفضاء الدولية.