ربما لا يمكن إنكار حقيقة أن الرسامة المكسيكية فريدا كاهلو تعدّ من أبرز فناني القرن الـ 20 بفضل مواهبها الفذة التي لا تضاهيها مواهب اليوم؛ ما كان سببا في بيع أعمالها مقابل ملايين الدولارات.
وربما مع مرور الوقت، بدأت تتغير نظرة العالم لكاهلو من مجرد رسامة شهيرة في عالم الفن إلى رمز معترف به عالميا للنظر الفني والنضال النسوي، وهو الوهج الذي اكتسبته كاهلو وظل ينمو مع مرور الوقت دون توقف. ورغم هذا الاحتفاء بها وبموهبتها، لكن ذلك كله لم يعكس سوى القليل عن حقيقة الحياة المضطربة التي عاشتها الفنانة طوال حياتها.
حياتها الشخصية كانت مشوبة بالمأساة، الفقدان، المرض، الخيانة والألم المزمن الذي ظل ملازما لها طوال الفترة التي عاشتها على الأرض، وكانت حريصة من جانبها على إبراز ذلك في أعمالها.
ولدت كاهلو في أسرة بائسة ولم تشعر بأي قدر من السعادة في مرحلة طفولتها، وقد تزوج والدها من والدتها بعد وفاة زوجته الأولى، ولم تُبنى تلك الزيجة على حب، والمشكلة هي أن كاهلو لم تنشأ على أجواء الحب ولم تلق كطفلة ما يفترض أن تتلقاه من معاملة في مثل هذه السن، وكانت أقرب لأبيها من أمها، التي كانت توصف بقسوتها وتعصبها الديني.
وحين بلغت كاهلو عامها السادس تقريبا، أصيبت بمرض شلل الأطفال، الذي تسبب في تنحيف وتقصر ساقها اليمنى، وظل مرضها مصاحبا لها دون أن يتم اكتشافه، ولهذا لم تتلق العلاج المناسب.
ونظرا لمشكلاتها الصحية، دخلت كاهلو المدرسة متأخرة، وكانت أكبر من باقي زملائها في الفصل. وكانت تتعرض في تلك المرحلة للتنمر بسبب ما تعانيه من أمراض جسدية.
وتعرضت كاهلو وهي في سن الـ 18 لحادث أثناء ركوبها إحدى الحافلات برفقة صديقها وقتها، أليخاندرو غوميز أرياس، بعد أن ارتطمت بهما عربة، وبينما لم يصب أرياس بأي أذى تقريبا، فقد أصيبت كاهلو بدرابزين معدني، تسبب في تمزيق حوضها؛ ما جعلها تصاب بجروح بالغة لدرجة أن كثيرين وقتها لم يتصوروا أنها ستبقى على قيد الحياة.
والتزمت كاهلو الفراش لمدة 3 أشهر أثناء تعافيها من الحادث، وبدأت حينها في استغلال وقت فراغها في إظهار موهبة الرسم؛ إذ كانت تشعر بملل شديد بسبب التزامها الفراش كل هذا الوقت.
وبعد أن تعرفت على الفنان الجداري، دييجو ريفيرا، وهي في سن الـ 15، بينما كانت سنه 36 عاما، فإن زواجهما لم يكن مستقرا وشهد العديد من الاضطرابات، نظرا لخيانتهما لبعضهما بعضا ودخولها في شجارات محتدمة بسبب ذلك الموضوع. ورغم انفصالهما، إلا أنهما ظلا على تواصل مع بعضهما بعضا وتصالحا بعد أقل من عام، ثم قررا بعدها أن يتزوجا من جديد في ديسمبر عام 1940.
ورغم انتقالهما لأمريكا في أواخر الثلاثينيات، ومرورها ببعض التغيرات والظروف هناك، ضغطت كاهلو على ريفيرا من أجل العودة للمكسيك، لكنه كان يرغب في البقاء في أمريكا، غير أنه تراجع عام 1933، وظل مستاءً من إجبار كاهلو له على المغادرة والرحيل عن أمريكا.
وبحسب ما نشر في مجلة ناشيونال جيوجرافيك، فإن كاهلو كانت تداوم على شرب الخمور بكثافة معظم حياتها؛ إذ كانت تداوم على شرب زجاجة من البراندي بصورة يومية. وقد كانت تود كاهلو أن تنجب طفلًا لريفيرا، لكنها لم تفلح، رغم حملها عدة مرات.
ونتيجة لكل هذه الآلام المزمنة التي عاشتها كاهلو في حياتها، وخيانة زوجها لها طيلة حياتها، بدا أنها بدأت تمل من كل شيء بنهاية عقد الأربعينيات، ونتيجة لتعبها واكتئابها، فقد حاولت أن تتخلص من حياتها؛ إذ دخلت المستشفى مجددا عام 1953، ويعتقد أن السبب وراء دخولها المستشفى هذه المرة كان محاولة انتحار، واستمرت بعدها صحتها في التدهور، وأصيبت ساقها اليمنى بـ"غرغرينا"، ما اضطرها لبترها من أسفل الركبة، وساءت حالها أكثر بعدها، حتى توفيت في الـ 13 من يوليو عام 1954.