في أوّل ظهور للملحّن "سهم" وهو الأمير أحمد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، في المشهد الغنائيّ السّعوديّ قبل أكثر من عشر سنوات، كان الجميع يترقّب عن كثب ما سيقدّمه هذا الملحّن "المتخفّي"، والذي حينها لم يكن أحد يعلم من هو. فقدّم للسّاحة الغنائيّة أعمالاً أعلن من خلالها عن حالة التمرّد ونبوغ الفكر الموسيقيّ الجديد والمتطوّر، فكان هذا الشّاب يؤلّف أعمالاً موسيقيّة تسبق عمره، وبشكل حضاريّ ومتقدّم، حيث أذهل الجمهور بأعماله، مغلفًا تلك الأعمال الموسيقيّة السّاحرة بموروث شعبيّ مختلف.
بداياته
بدأ سهم مع الفنانة نوال الكويتية بأغنية "ارحم عيوني"، ومع رابح صقر بأغنية "تحملتك بما فيه الكفايه"، ليفرض هذا الفتى "الملثم" وجوده بقوّة ويعتلي الصّدارة رويدًا رويدًا حتى بات هو الملحّن الأشهر في السّاحة والمطلوب الأوّل لدى أشهر الفنانين العرب.
قياسًا على نجاحات تجربة البداية في ألحان "سهم" رغم صغر سنّه، قد يعدّها بعضهم مقدّمة لهذا الفكر في التوزيع الموسيقيّ وأسلوب التنفيذ والإشراف، التي جاءت نتاجًا لنجاح حالة التمرّد وإظهار الفكرة في التأليف الموسيقيّ، وتغليفه بالموروث.
شهرة أصالة
أغنية أصالة نصري "سواها قلبي" من ألحان "سهم" كانت العصا السحرية التي أوصلت أصالة للخليج، وكانت انطلاقتها "خليجيًا"، حيث رآها الجمهور من أنجح الأغاني في تلك الحقبة، بالإضافة إلى و"لا تخاف من الزمان" و"طلبتك لا تحاكيني"، ربّما هذا الألبوم لن يتكرّر في مسيرة أصالة نصري، والسّبب يعود لألحان "سهم" ولروحه الموسيقيّة التي تتلاءم مع السّعوديّين أكثر، ربّما لاحتوائها على الجملة الإيقاعية والارتكازات كأغنية "دواك عندي" لعباس إبراهيم "ويلاه" لراشد الماجد وأغنية "عزاه" لراشد الفارس التي أخذت وهجًا عاليًا عند الجمهور، كذلك "مرتاح" لعبدالمجيد عبدالله.
هذه الألحان لم تكن إلا صورة مصغّرة عن تجربة الملحّن "سهم" في الأنغام الشعبية، ونقلة نوعيّة في مسيرة هذا الملحّن الأكاديميّ.
حديث الجميع
لم يهدأ سهم في تقديم نفسه بقوّة للسّاحة، فما زال في بداية سطوته، فضرب 14 لحنًا منوعًا للجماهيريّ رابح صقر، بموسيقى متنوّعة استثنائيّة في الفكرة والكلمة والمعنى، فمن هنا أصبح سهم حديث الجميع دون استثناء.
هذه الأعمال وغيرها الكثير ساهمت في سيطرة أفكار الملحّن "سهم" على الساحة الغنائية منذ 10 سنوات، التي لم تأتِ بسبب فراغ السّاحة السّعوديّة من الملحنين، أو ابتعاد شركات الإنتاج عن المواهب في صياغة العمل الفني، إنّما جاءت عن علم وتجربة وممارسة وكتابة اللحن على الورق بشكل متقن، وهذا لم يتعودْ عليه الملحّنون في المملكة، وقد تكون نادرة في السّاحة السّعوديّة أنْ تجد من يكتب فكرة ونغمًا على الورق، ويقوم بتوزيعها أوبراليًا وآليًا، هذا ما يحفز المطربين على التعاون والاعتماد عليه، لإثراء العمل الفنيّ المدروس.
في مرحلة الملحّن "سهم" القصيرة، قدّم عددًا كبيرًا من الأعمال الفنيّة قوامها أكثر من 200 عمل موسيقيّ متنوّع ما بين الأوبريتات والأعمال الخاصّة، والألحان العاطفية الرسمية، وكان النصيب الأكبر لرابح صقر.
سهم الأمير
هذا الكم من الأعمال جاء نتاجًا لسهولة صياغته للفكرة في الكلمات الغنائية وإيصالها لغويًا وفنيًا بذات التعبير الحسيّ، وهنا يكمن اختلافه عن غيره في استغلال المصطلحات الموسيقيّة مستفيدًا من ثقافته ومخزونه الشّعبيّ وجماليّاته الموسيقيّة.
"سهم" مازال مثار جدل، بل الأمير أحمد بن سلطان بن عبدالعزيز، الذي أعلن للناس تدريجيًا وبشكل غير مباشر، أنّه هو الشخصية الأميرية التي امتهنت الفنّ بدافع الحبّ والإبداع، والذي كان متخفيًا 10 سنوات خلف سهم ليظهر مؤخرًا، ويتمّ تكريمه من خلال ليلتي سهم التي أقيمت في جدّة والرّياض، والتي حضرها بالمجمل قُرابة الـ40 ألف متفرّج.