في الفترة الأخيرة، شهدت الساحة الغنائية سباقًا بين المطربين في أحدث أعمالهم الفنية، التي تنوعت بين الأغاني "السينجل" والألبومات الكاملة، إلا أن اللافت للانتباه هو جماهيرية الأغاني ذات الطابع الحزين، وهو ما يُعد خروجًا عن المألوف في الأشهر الصيفية التي تتسم بالفرح والنشاط والحماسة.
فنانون مثل أنغام ولطيفة ومدحت صالح ورامي صبري وكارمن سليمان ومحمد حماقي، قدّموا أعمالًا مفعمة بالشجن، ورغم أن التوقعات لم تشر إلى أن هذه الأغاني قد لا تلقى صدى واسعًا، إلا أن المفاجأة هي أن هذه الأعمال لاقت قبولًا واسعًا بين الجماهير.
هذا الأمر يثير تساؤلات: هل أصبح الجمهور يتوجه إلى الأغاني الحزينة؟ أم أن الظروف الاقتصادية الراهنة تنعكس على الساحة؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد موجة عابرة؟.
بدأ الأمر مع الفنانة إليسا التي أصدرت ألبومها الجديد "أنا سكتين"، الذي حمل عنوان أغنيته الرئيسة، ما أضفى على العمل لمسة فنية مميزة، ثم تلتها المطربة أنغام بألبومها الجديد "تيجي نسيب"، الذي اتسم بالطابع الحزين، واحتوى على أغنية موسيقية لحنها إيهاب عبد الواحد، وتم مزجها بواسطة حسن الشافعي.
كلمات الأغنية كتبها نجم الكوميديا أكرم حسني، الذي أضاف لمسة جديدة إلى عالم الفن والموسيقى بعد تعاونه مع الكينج محمد منير في أغنية "للي"، ورغم أن أكثر من نصف أغاني الألبوم كانت حزينة، فقد نالت إعجاب الجميع بأسلوبها الفريد.
من جهة أخرى، قدم المطرب رامي جمال ثلاث أغان حزينة أيضًا، وهي: "حالته صعبة" من كلمات محمد جمال وألحان فارس فهمي، و"مش عايشين" من كلمات عمرو المصري وألحان إسلام رفعت، و"رود ببرود" من كلمات أحمد العزب وألحان محمود أنور.
لكن مفاجآت الساحة لم تنتهِ هنا، حيث طرح المطرب رامي صبري ألبومه الجديد بعنوان "أنا جامد كده كده"، وعلى الرغم من أن الألبوم بدا واعدًا بالبهجة والقوة والفرحة، إلا أنه أضاف لمسة من الحزن داخل العمل من خلال أغنيتين هما "كداب" و"على بالي".
على صعيد الأغاني الفردية، أمتعنا الفنان تامر عاشور بأغنيته الحزينة "وداع وداع"، التي كتب كلماتها محمد خشم، ولحنها مصطفى إبراهيم، وحققت نجاحًا ملحوظًا، وأثرت الأجواء الموسيقية بلمستها الصادقة.
أما الفنانة شيرين عبد الوهاب، فقدمت أغنية حزينة بعنوان "أتمنى أنساك"، من كلمات عزيز الشافعي وتوزيع توما، التي أثارت إعجاب الجميع، وسرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي عودة قوية بعد تعافيها، أطلّت الفنانة سومة بأغنية سينجل حاملةً طابع الحزن بعنوان "لم عشمك"، من كلمات صابر كمال وألحان محمد يحيى، التي نالت نجاحًا كبيرًا لدى جمهورها.
وقدَّم المطرب حماقي أغنيتين جديدتين، الأولى بعنوان "وبناقص"، من كلمات وهدان فهمي وألحان أحمد صلاح حسني، والثانية "خسرني"، كلمات مصطفى ناصر وألحان تيام علي، اللتين أضافتا طابعًا حزينًا إلى أغانيه.
أما في عالم الأندرجراوند، فقد قدم فريق كاريوكي ألبوم "روكسي" الذي تميز بأغانيه الحزينة، مثل "جوايا حاجات" من كلمات وألحان أمير عيد، و"اسمك إيه" من تأليف وألحان أمير عيد أيضًا، ليضفوا لمسة فنية مختلفة ومؤثرة.
على صعيد أغاني المهرجانات، لم يكن الحزن غائبًا عن هذه الساحة أيضًا، فقد قدَّم عصام صاصا أغنيته الجديدة "الدنيا قاسية"، التي أطلقها قبل فترة وجيزة من الحكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر، وعلى الرغم من الظروف الصعبة، نجحت الأغنية في تحقيق نجاح كبير، وتصدرت التريند بفضل طابعها الحزين والمؤثر.
وفي هذا السياق، يرى الموسيقار هاني شنودة أن التنوع في الأعمال الموسيقية هو جزء من سُنة الحياة، حيث يعكس الطبيعة البشرية المتغيرة والمحبّة للتجديد في كل شيء.
يشير شنودة، في تصريحات لـ"فوشيا"، إلى أن هذه الأغاني تُصنّف بشكل أكبر كعاطفية، حيث تتسم العاطفة بكونها أعم وأشمل من مجرد الحزن.
ومن جانبه، يرى الناقد الموسيقي أمجد مصطفى أن هذه الموجة الحزينة من الأغاني ليست إلا موضة فنية عابرة، ولا ترتبط بأي أوضاع اجتماعية أو سياسية تمر بها المنطقة، ويعزو مصطفى ذلك إلى رغبة المطربين في التنوع والتجديد.
أما الموزع محمد حمدي، فيؤكد أن السوق الفني أصبح أكثر تقبلًا للأفكار الجديدة والمبتكرة، وشدد على أن الجمهور يبحث الآن عن كل ما هو جديد وغريب، دون التقيد بالقوالب التقليدية مثل طرح أغانٍ حزينة في الشتاء وأغانٍ مبهجة في الصيف، فالمهم -كما يرى حمدي- هو جودة العمل من حيث الفكرة والموضوع والألحان والكلمات.