رسم المصمم اللبناني الشاب روني الحلو معالم مسيرته المهنية على طريقته، واختار أن يجمع بين فن تصميم الأزياء والمعايير الأخلاقية في العمل.
فماذا قال عن مسيرته المهنية بعد انتقاله إلى قطر وانقطاعه لفترة عن تقديم المجموعات الجديدة؟ وما رأيه في مفهوم الاستدامة والطريقة التي تطبق فيها؟.. معلومات عديدة تجدونها في السطور التالية من حديثنا معه.
أخبرنا عن بداياتك في تصميم الأزياء، والمحطات المضيئة في رحلتك؟
بدأ اهتمامي في الأزياء منذ كنت في سن العاشرة والثانية عشرة. نحن عائلة متواضعة، ولكن كانت أمي تحب الأزياء وعماتي يهوين الخياطة. فلطالما كانت روح الأزياء وصناعتها موجودة حولي. كنت أحب الأقمشة والرسم وشجعني أهلي على اتباع هذا الشغف.
كنت مجتهداً في المدرسة، وشعرت أن عالم الموضة بعيد عني وصعب المنال، فمن أنا لأصبح صاحب علامة تجارية. لذلك ركزت على دراستي وتنقلت بين مجالات مختلفة في الجامعة إلى أن وجدت شغفي الحقيقي في عالم الموضة واخترت أن أقوم بما أحب، عندما تعرفت على سارة هرمز مؤسسة مساحة بيروت الإبداعية، التي تتيح تعلم تصميم الأزياء من دون مقابل. تركت الجامعة ووضعت كل تركيزي في عالم الموضة وطورت ذاتي ومهاراتي في ذاك المكان الذي وجدت نفسي به. وعندما تخرجت انضممت إلى Starch Foundation. كان الوقت مناسبا جداً لانطلاقتي، حيث ربحت عددا من الجوائز ولاقت مجموعتي إقبالاً كبيراً من المستهلكين والشخصيات المعروفة. هذه الفترة كانت مميزة جداً في حياتي المهنية.
أما خلال فترة جائحة كورونا فقد أخذت قسطاً من الراحة لمدة سنتين، وبعد جميع الأحداث في لبنان اخترت الانتقال إلى قطر.
*لماذا اخترت اعتماد الاستدامة نهجاً لعلامتك التجارية؟
قصتي مع الاستدامة بدأت منذ الطفولة، كنت أحب الحيوانات وأعتني بها. كبرت وأصبحت ناشطاً في مجال إنقاذ الحيوانات وحماية البيئة وحقوق الإنسان.
أصبح ذلك جزءاً من شخصيتي وأسلوب حياتي. فكنت دائماً أفكر كيف سأجمع بين عالم الموضة وأسلوب حياتي الذي تشكل النشاطات الاجتماعية جزءاً منه.
فعندما بدأت علامتي التجارية اخترت أن تمثلني وتمثل مبادئي في حماية الإنسان والحيوان والبيئة.
*كيف تعرّف مفهوم الاستدامة؟
الاستدامة مفهوم شمولي، هناك علامات تجارية تقول إنها مستدامة عندما تستخدم مواد عضوية أو صديقة للبيئة أو يساعدون النساء في مكان ما، ويعتبرون أنهم يتبعون أسلوب الاستدامة، أنا لا أتفق معهم في هذه التسمية فهذه ليست الاستدامة. هي هدف نرغب بالوصول إليه وفي الوقت عينه هو مفهوم شمولي، فعندما نفكر بالاستدامة لا يمكن أن نختار جانباً واحداً منها، الحيوان أو الإنسان أو الطبيعة.
الاستدامة بالنسبة لي هي أن أقوم بعملي من دون التأثير بطريقة سلبية على الأشياء المحيطة بي وبعلامتي، إن كان الناس أو الحيوانات أو الطبيعة.
*كيف تمتثل لشروط الاستدامة في علامتك وهل يمكن لعلامة أزياء أن تكون مستدامة 100%؟
من الصعب جداً الامتثال لشروط مفهوم الاستدامة في العلامة التجارية. أنا أعمل على جبهات عدة، فعلى صعيد عالم الحيوان نقوم كل فترة بحملات تبرع للأماكن التي تأوي الحيوانات المشردة والجمعيات، ولا نستخدم الجلود والريش والحرير، الشيء الوحيد الذي نستخدمه هو الصوف إذا كان قديماً.
نبحث اليوم عن مصدر للصوف العضوي. صحيح أننا لا نقتل الحيوان عندما نأخذ صوفه، لكن الطريقة التي تتبع في الحصول عليه لا تتبع معايير أخلاقية. نعمل مع جمعيات ومشاغل صغيرة في لبنان لنشجعهم. جميع الأقمشة التي نستخدمها إما قديمة، أو صديقة للبيئة، أو عضوية.
لا يوجد علامة تجارية مستدامة 100% ولن يكون أبداً. نحن كبشر نستهلك الموارد المحيطة بنا وهذا لن يكون أبداً عاملا جيداً للاستدامة نظراً لعددنا الكبير. لا يوجد شيء اسمه استدامة 100%.
المجال الذي نعمل فيه لا يساعد الاستدامة ومهما فعلنا سيظل هناك تأثير سلبي في مكان ما.
لذلك لا أحب أن أستخدم هذه العبارة، وأفضل أن أقول إن علامتي تتبع معايير أخلاقية في العمل.
ما التحديات التي تواجه صناعة الأزياء بشكل عام؟
هناك عدد من الموردين الذين يؤمنون لنا الأقمشة المستدامة، ولكن يبقى ثمنها غالياً. فإذا كنت ترغبين بتصميم قطعة مستدامة عليك التدقيق في أصغر التفاصيل وستأخذ وقتا أكثر من غيرها لنحصل على نوعية جيدة.
ليس من السهل الوصول إلى مصادر المواد المستخدمة في صناعة الأزياء الصديقة للبيئة وعندما نجدها تكون مستوردة من الخارج وباهظة الثمن.
كيف ترى مستقبل الأزياء المستدامة مقارنةً بالأزياء السريعة؟
لو طرح هذا السؤال في وقت سابق لكان جوابي إيجابي، ولكن اليوم وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، نرى أن هناك ناسًا لا يأبهون لما يجري من دمار وموت، ولا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية، فهؤلاء لن يهتموا بالحيوان والطبيعة. نحن نأمل أن يحصل هذا التغيير، ولكن دائماً الرأسمالية تسيطر على العالم ولا تأبه للاستدامة ومبادئها.
أما العلامات التجارية السريعة اليوم فتقول إنها تعمل نحو الاستدامة، ولكن ذلك لا يطبق على أرض الواقع في الحقيقة.
على الدول أن تضع قوانين صارمة في هذا المجال وتدعم العلامات التجارية المستدامة لنلمس هذا التغيير الذي يتطلب وقتاً طويلاً.
أعلن العلماء هذا العام أننا قد دخلنا في فترة لا عودة منها في الكوكب مع الضرر الذي يصيبه.
أحب أن تتغير الأشياء، ولكن أشعر أننا نحارب بمفردنا، أقوم بواجبي ولن أتوقف.
كيف سيؤثر مؤتمر الأطراف (كوب 28) على عالم الاستدامة برأيك؟
تعمل هذه الفعاليات التي تقام في العالم على الجانب السياسي ورؤية كل بلد ودوره والمسؤولية التي يتحملها. معظم البلدان لديها مشاريع لـ 2030 ولكن المشكلة في الوقت... يمكن أن نكون قد تأخرنا.
هذه الاجتماعات والنشاطات العالمية مهمة جداً فهي تؤثر على العالم ليحدث هذا التغيير على أرض الواقع.
أخبرنا عن مجموعتك لربيع وصيف 2024؟
خلال هذين العامين عملت على مشاريع صغيرة، لأنني شعرت أن ما قدمته في السابق لم يعد فريداً من نوعه. وكنت أبحث عن الجديد الذي ستقدمه العلامة. انتقلت إلى قطر وكجميع اللبنانيين كانت علاقتي بلبنان منقسمة بين الحب والكره. اكتشفت أن البلد ليس السياسيين والشعب، بل هو عائلتي وأصدقائي وأنا في البلد. اكتشفت ذلك في قطر عندما لمست حب القطريين للبنان؛ لذلك اخترت أن أجري بعض الأبحاث عن لبنان وتاريخه. هنا لا يزالون يرتدون الأزياء التقليدية وأنا أرى أن ذلك رائع فهم يحبون هويتهم.
نفتقد إلى ذلك في لبنان، فمن يرتدي "الشروال" والملابس التقليدية اليوم؟ فقدنا هويتنا وتراثنا عندما يتعلق الأمر في الملابس. تراثنا غني جداً، تعمقت في التاريخ والتقنيات التي كانت معتمدة في السابق طبقتها بأسلوب شبابي وجمعت بين التراث والحاضر العصري في هذه المجموعة.
ما قطعتك المفضلة من هذه المجموعة؟
فساتين السهرة التي دخل إليها تصميم "الشروال" وهذا شيء ليس موجوداً في فساتين السهرة وأتمنى أن يحبه الناس.
في مجال تحكمه المنافسة، كيف ستحافظ على مكانتك في السوق؟
أنا أقدم أسلوباً جديداً وفريداً من نوعه، ومن خلال الاستراتيجيات التي أضعها ستتميز علامتي. عملت على ذلك خلال السنتين الماضيتين.
ما رأيك بوسائل التواصل الاجتماعي ولماذا لست نشطاً على انستغرام؟
أنا لا أحب وسائل التواصل الاجتماعي والشركات التي تمتلكها والطريقة التي يتعاملون فيها مع العلامات الموجودة عليها. قبل إطلاق المجموعة الجديدة مسحنا كل شيء عن الصفحة، فهذه بداية جديدة لعلامة روني الحلو والسابق ليس مثل الآتي.
ما القطعة الأساسية التي يجب أن تكون موجودة في خزانة كل سيدة؟
خزانتي كناية عن ثلاثة عشر تي-شيرت من القطن العضوي الأسود وثلاثة سراويل جينز باللون الأسود، هذا مريح جداً بالنسبة لي فحياتي مليئة بالضغوطات ولا أحتاج أن أفكر ماذا سأرتدي اليوم.
لذلك أقول إنه على كل امرأة أن تضع في خزانتها إطلالة باللون الأسود لتعتمدها في اليوم الذي لا تريد فيه التفكير ماذا سترتدي.
كيف ترى مستقبلك؟
أحب ما أفعله، لكن اكتشفت أنني أحب الجانب العملي وليس فقط الفني في علامتي، فأنا اليوم أركز على مشاريع عدة كرائد أعمال في مجالات مختلفة.
ما مقولتك المفضلة؟
عش كما تريد من دون أن تؤذي العالم.
Beirut based brand, RONI HELOU, finds inspiration in intangible aspects of humanity such as psychology and anthropology....
Posted by Fashion Forward Dubai on Thursday, October 26, 2017