كشف المطرب العراقي كاظم الساهر أنه تأثّر نفسياً برحيل عدد من المقربين له في الآونة الأخيرة، حتى أنه كاد أن يفقد رغبته بالوجود، في الوقت الذي وصف فيه الجمهور العربي بـ"الخطير".
جاء ذلك في جلسة حوارية قدّمها "القيصر" في معرض الشارقة الدولي للكتاب، تحدث خلالها عن علاقته بالكتب، واللغة العربية والشعر، وعن ذكرياته مع الشاعرين الكبيرين نزار قباني وكريم العراقي.
الساهر، الذي بدأ الجلسة بالإشارة إلى ما يتعرّض له الأبرياء في غزة، أكّد أهمية القراءة وانعكاسها على ممارسيها والمحيطين بهم، مقدماً بعض النصائح للجمهور الغفير الذي حضر الجلسة.
وعن تأثير القراءة عليه شخصياً، قال الساهر: "كنت مؤخراً أمر بأزمة نفسية بعد فقدان أعز ناسي، ففي السنوات الأخيرة فقدت العديد من الأحبة وهذا أثر بي كثيراً".
وتابع: "بدأت أفقد رغبتي بأن أكون موجوداً، حتى أنني تمنيت أن أصعد للمسرح وأصرخ صرخة واحدة وأنتهي، فقدتُ المتعة ووصلت إلى طريق مسدود؛ لكن الكتاب أعادني، هو والأصدقاء الطيبون".
"الشارقة.. والكتاب"
لم ينسَ المطرب القدير مدينة الشارقة التي تغزّل بها، إذ وصفها بأنها من أهم المدن الثقافية والتراثية في العالم، مضيفاً: "يسعدني أن أكون جزءاً من هذا الحدث الثقافي، وجلوسي في هذا المكان مسؤولية كبيرة أن يعطوني هذه الثقة للتحدث مع جمهور الشباب عن تأثير الشباب بي منذ طفولتي".
واستذكر أن بداية علاقته بالكتب كانت في سن المراهقة مع صديقه ساهر عندما تعرفا على أصدقاء مثقفين كانوا يتناقشون بأفكار الماركسية والحزب الشيوعي حينها، فوجد نفسه مدفوعاً للقراءة والبحث عن المعرفة ليشارك في النقاش ويفهم ما يدور في العالم، كما ذكر أنه كان محظوظاً بأن له أخاً مثقفاً شغوفاً بالقراءة، لطالما كان مرشده في هذا العالم.
الجمهور العربي خطير
ويرى صاحب أغنية "قولي أحبك" أن الجمهور العربي خطير، فهو "يتذوق الشـعر ويحاسب الفنان على أي خطأ في اللفظ أو التشكيل"، على حد قوله، مضيفاً: "الشباب اليوم متذوقـون للشعر، وأنا ضد مقولة أن الناس اليوم بدؤوا يعافون الشعر".
وتابع القيصر: "من خلال تجاربي خلال 35 سنة، قدمت فيها القصائد والشعر، أرى أن الجمهور يحاسب بنفس المستوى وأكثر من قبل".
أما عن الأغاني الرائجة التي تعتمد الكلمة الخفيفة، فأشار إلى أنها جميلة طالما أنها تسعد الجمهور، موضحاً أنه لا يجب إنكار الآخر أو الانتقاص من جهده، فجميع الأغاني التي تسعد الجمهور وتقدم لهم المتعة جميلة.
وقال "إن الفن ليس حكراً على نوع أو لون معين"، مؤكداً أن الشعر الشعبي لا يقل قيمة عن القصيدة التي يفضلها لأنه يجد فيها عمقاً إضافياً وبعداً وحرية أكبر في القدرة على التعبير.
أبيات ما بين نزار وكريم
"شربت من أكوابها صبابة حتى الملل، وعشت في عذابها كآبة لا تحتمل.. باركتها في غدرها ولم أفارق الأمل قاومتها في مكرها.. من حكم العقل وصل".
ألقى الساهر قصيدته "الحياة" التي ألّفها ولحنها وغنّاها، ثم انتقل للحديث عن الشاعر نزار قباني، الذي كان يقرأ دواوينه شاباً، مستذكراً عدة حوادث جمعتهما، إحداها كانت عن قصيدة "زيديني عشقاً"، حيث كتب الأديب عبد الوهاب البياتي مقالاً قال فيه: "كاظم حوّل القصيدة من نحاس إلى ذهب"، ما أغضب نزار قباني.
وقال: "أخبرته حينها أنني لو لم أقرأ له في نشأتي، لأتعلم عن الحب، لو لم أتسلح بالقراءة، لما استطعت النمو لألحن كل هذه القصائد وأكون الشخص الذي أنا عليه اليوم".
وأضاف: "أذكر أنني كنت أخجل أمام نزار عندما أطلب تعديلاً بسيطاً، وكان يطالبني أن أكف عن الخجل، ويطلب مني الانتظار، وبعد دقائق أجده يهاتفني بعبارته الجميلة "أكتب هذا البيت الجميل".. لقد أخبرني مرة أنني شاعر وكنت أطير من الفرح عندما عدت، بأن قامة كبيرة مثل نزار رأى فيني هذا الجانب".
وأضاف أن نزار كان معجباً بالشاعر كريم العراقي، ولطالما أوصاه أن يتمسك به، وقال: "كريم العراقي الصديق الجميل، في أيامه الأخيرة كان يعمل على قصيدة "جلجامش" ويعدّل بها، وقد وعدته أنها سوف تخرج كما يتمنى، ولن أقبل بأن تسجل بطريقة تجارية، لقد وعدت كريم وسوف أفي بوعدي".
"أوقفوا الحرب.. لقد تعبنا"
هو عنوان الأغنية الجديدة التي أعلن عنها الساهر خلال الجلسة، إذ أوضح أنه سيسافر إلى نيويورك مباشرة بعد انتهاء لقائه مع جمهور الشارقة للكتاب لتسجيل الأغنية التي كُلف بها من قبل هيئة الأمم المتحدة، موضحاً أنه حضّرها بالتعاون مع شاعر بريطاني تم اقتراحه من قبلهم أيضاً.
وقال: "لدي ربما 6 أو 7 أغانٍ وطنية، لكنني في هذه المرحلة شعرت أن علي أن أُقدم أغنية تصل إلى العالم، وتوصل رسالة لإيقاف الحرب".
وأضاف أن مطلع الأغنية ينادي "أوقفوا الحرب.. لقد تعبنا.. نحن نتمنى لكل أطفال العالم أن يعيشوا بسلام، هذا ما تقوله ثقافتنا ومحبتنا، فالتسامح جميل، ونحن لا نريد لأحد أن يموت أو يتعرض للظلم".