الأنين أو النحيب من الأساليب التي يلجأ إليها الأطفال في كل مكان كطريقة فعالة للفت انتباه ذويهم بشكل سريع. ولعلهم يقدمون دوما على تلك الطريقة كونها تحقق لهم النتيجة المرجوة في كل مرة، وهو ما يثير ضيق وانزعاج الوالدين بطبيعة الحال، رغم كل محاولاتهم لمعالجة المشكلة.
وناهيك عن حالة التشتت التي يُحدثها الطفل مع دخوله في نوبة نحيب أو صراخ، فقد ينتج عن ذلك أيضا بعض الضجيج الذي عادة ما يؤدي إلى الإضرار بمستوى أداء وتركيز الأبوين بلا شك.
وهو ما أظهرته دراسة بحثية نشرتها "جمعية علم النفس الأمريكية"، وتبين من خلالها أن المشاركين الذين أُجبِرُوا على الاستماع إلى نحيب وأنين أطفالهم وقعوا بأخطاء أكثر وكانوا أقل على صعيد الإنتاجية، كما اتضح أن الأنين يشتت الانتباه بطريقة تفوق صوت بكاء الطفل الرضيع.
وعن أكثر الطرق الهادئة التي يمكن للأبوين اتباعها لضمان التعامل مع أنين الأطفال الصغار، قالت الدكتورة أليزا بريسمان، أخصائية علم النفس التنموي والمؤسس المشارك لمركز ماونت سيناء للأبوة والأمومة بنيويورك، إن أول خطوة يجب القيام بها هي أخذ نفس عميق ومن ثم بدء التعامل مع الطفل، وما يجب على الأبوين معرفته هو أن الأنين مجرد عادة مزعجة وليست ضارة.
ثم شاركت دكتورة أليزا جملة عبقرية أكدت أنها ستساعد على تحسين قدرات الطفل فيما يخص التواصل بعيدا عن النحيب والأنين وما إلى ذلك من سلوكيات يظن أنها وسائل ضغط على ذويه.
وقالت أليزا: "نصيحتي للأب والأم أن يتوقفا، يلتقطان أنفاسهما ثم ينزلان لمستوى نظر الطفل ويقولان له (أريد حقا فهم ما الذي تحاول أن تقوله، لكن يصعب عليّ ذلك وأنت تئن، هل يمكنك تكرار ذلك مرة أخرى بصوتك الحقيقي؟)". وأوضحت أليزا أن تلك الجملة السحرية تحظى بمفعول جيد، وأنهم كباحثين لاحظوا من تجاربهم مدى نجاحها في تغيير سلوك الطفل وتحسينه للأفضل.
وأعقبت بقولها، إن ما يجعل تلك الجملة فعالة بهذا الشكل هو أنها تنقل للطفل الشعور بأن والديه متواصلان معه ومعترفان بحالة الضيق التي يعانيها وأنهما على أهبة الاستعداد لمساعدته.
والميزة الأخرى في تلك الجملة أنها تعكس التزام الأبوين نبرة الهدوء، وميلهما لاعتماد لغة الحوار، دون أن تظهر عليهما أي علامات دالة على الغضب أو التهيج، ما يريح الطفل بشكل أكبر.
وقالت أيضا خبيرة العناية بالأطفال، ديفون كونتزمان، إن ميل الطفل للأنين والنحيب هو شيء طبيعي تماما، وإحدى الطرق التي يعتمدها للتواصل من أجل التعبير عن المشاعر التي تنتابه مثل التعب، الجوع، الملل أو الرغبة في الحصول على شيء لكنه دون دراية منه بكيفية التعبير عن ذلك.
ودورك هنا كأم ألا تستلمي لأنين طفلك، بل أن تساعديه على التعبير عما يريده بطريقة مناسبة، وكذلك لا يجب عليك أن تصابي بإحباط أو ضيق خلال تعاملك مع الطفل ومحاولة تقويم سلوكه بهذا الخصوص؛ لأن ذلك شيء طبيعي، وحاولي دوما أن تلتزمي الهدوء لتنجحي في تلك المهمة.