أظهرت دراسة بحثية أخيرة في موضوع الرضا والكفاية التي يوفرها عقد الزواج للشريكين فيه، أن هناك فعلا ما يسمى "زواج بلا حب"، وأن مثل هذه العلاقة توفر للشريكين دعما نفسيا، رغم ما فيه من نواقص.
ويبقى الزواج بلا حب أفضل وأقل كلفة عاطفية من الطلاق، الذي يكسر المعادلة الحياتية للزوجين وشبكتهما الاجتماعية.
أشرفت ليندا وايت، أستاذة في مركز جورج هربرت ميد للخدمة المتميزة في علم الاجتماع، على الدراسة، ودار موضوع البحث عن تأثير الطلاق على الرفاه النفسي، وذلك من خلال التحقيق في العديد من الفرضيات المتعلقة بكيفية تأثير الطلاق على رفاهية الأفراد في الزيجات غير السعيدة.
وقد انتهت الدراسة إلى أن الأزواج الذين يتطلقون أو ينفصلون يعانون من انخفاض الرفاهية النفسية مقارنة بالأزواج الذين يواصلون الزواج دون حب.
وجرى في الدراسة اختبار نماذج عديدة من العلاقات الزوجية الشائعة التي تعتريها في العادة اضطرابات متفاوتة الحدة؛ فوجد الباحثون أن الاضطراب والعداء المصاحبين لعملية الطلاق قد يخلق مشاكل عاطفية وسلوكية لأطفال الزوجين، تنعكس بدورها على الوالدين، فتكون الحسبة النهائية الإجمالية أن كلفة الحياة في "الزواج بلا حب هي في الأغلب أقل وطأة من انفصال مشوب بعدم اليقين، الذي يسمونه "اختلال الرفاهية العاطفية".
لوحة "الحياة قصيرة.. طلِّقوا"
ويستذكر التقرير الذي نشره موقع "سيكولوجي توداي" أن ناشطين اجتماعيين في شيكاغو، بالولايات المتحدة، علَّقوا قبل بضع سنوات لوحة إعلانات ضخمة في مكان عام بارز كتب عليها Life Is Short. Get a Divorce أي "الحياة قصيرة، احصلوا على الطلاق"، ورغم أن الإعلان أزيل بعد أسبوع، إلا أن الرسالة أو السؤال الكبير ما زال قائما ويثير الجدل بشأن مدى صحته ودقته، أيهما أقل كلفة للخلاف الزوجي: الطلاق أو الاستمرار في المعاناة؟
الوقوع في الحب والخروج منه
تقول الدراسة إن بعضهم يتزوج دون حب كزواج المصلحة، لكن هذا النوع ليس محكوما عليه بالفشل المؤكد، فمن المتوقع أن يأتي الحب بعد الزواج وتعرف كل فرد على شخصية الآخر ومعرفة مميزاته، فعلى الأرجح سوف تدوم هذه العلاقة مدى الحياة.
وقالت ليندا وايت: "إنه بصرف النظر عن الخيانة الزوجية والإساءة، فالشركاء في النهاية هم من يقررون إنهاء الحب بينهم أو إدراك أن ما حصل بينهم سببه التعثر في أوقات صعبة".
وتخلص الدراسة إلى أن الزواج الخالي من الحب له كلفة بالتأكيد تتمثل بفتور أو انخفاض نسبة الرفاه العاطفي للشريكين من خلال طبيعته القاسية، لكن الأزواج الذين يتطلقون أو ينفصلون يعانون في معظم الحالات -التي تمت مراقبتها- من اختلال الرفاه العاطفي بدرجة أكثر قوة وقسوة.