خلافا لما كان شائعا عن أحلام اليقظة والسخرية منها واعتبارها رفاهية الكسل والوهم، أظهرت الدراسات النفسية الأخيرة أن أحلام اليقظة ضرورية للتوازن العصبي، وأن فيها ما يتجاوز المتع اللحظية التي نصنع فيها عالما خاصا بنا يوسع طريقنا للمستقبل.
ووجدت دراسة نشرها موقع "بابا ميل" أن البالغين، نساء ورجالا، يقضون ما يقارب من 30% إلى 50 % من وقتهم في أحلام اليقظة. وأرفقت هذه الارقام بدراسة متخصصة تؤكد أن أحلام اليقظة ليست مضيعة للوقت، بل لها 5 فوائد معززة بالتجربة.
تساعد على تحقيق الأهداف
تقول الدكتورة غابريل أوتينغن أستاذة علم النفس في جامعة نيويورك أن تصورنا للإنجاز المنتظر لهدف ما، هو الذي يدفعنا للالتزام به والحماس له.
وتعزز رأيها بأن سيغموند فرويد مؤسس التحليل النفسي، كان يؤمن بقوة أحلام اليقظة، باعتبار إن التجول في العقل الذي يركز على التخطيط المستقبلي يجعلكِ أكثر استعدادا للخوض في غمار أي تجارب جديدة.
وفي مثال على ذلك ذكرت أن الرياضيين غالبا ما تساعدهم أحلام اليقظة على تصور النتائج الإيجابية التي يرغبون فيها وتجعلهم يتقنون الاستعداد لها.
تعزز الإبداع
وأظهرت الدراسات أن أحلام اليقظة لها علاقة مباشرة بتحسين مستويات الإبداع. جاء ذلك في دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية لعلم النفس، أفادت بأن الأحلام تحتوي على محتوى خيالي يرتبط بتحسين الأداء.
وأظهرت أن طلاب إحدى الجامعات مُنِحوا دقيقتين لابتكار أكبر عدد ممكن من الاستخدامات للعناصر اليومية مثل أعواد الأسنان والطوب، ووجدت أن أولئك الذين استغرقوا في أحلام اليقظة بدلاً من التركيز المستمر على المشكلة كانوا أكثر إنتاجية وإبداعًا بنسبة 41٪ من المجموعة الأخرى.
تساعد في تطويع القلق
أيضا تشير الدراسة الى أن أحلام اليقظة يمكن أن تخفف من أعراض القلق. فتركُ عقلكِ يأخذ حرية التجول والتفكير بما يسعدكِ، يوفر لكِ بعض الراحة عوضاً عن التفكير بالأفكار المقلقة . وتظهر الأبحاث أنه عندما تسمحين لأفكاركِ بالتدفق بحرية، فإنكِ تشعرين بالهدوء ولا تفكرين في أي شيء دون داع.
تحفظ الذاكرة
يقول العلماء أن الأشخاص الذين يسرحون بأحلام اليقظة غالبا ما تكون لديهم ذاكرة عاملة نشطة جدًا. وحسب دراسة أجراها علماء من جامعة ويسكنسن ومعهد ماكس بلانك لعلوم الإدراك والدماغ البشرية، فقد طُلِب من المشاركين أداء مهام سهلة من شأنها أن تحفز أحلام اليقظة.
وعندما انتهت المهام، فحص الباحثون قدرة الذاكرة العاملة لكل مشارك من خلال مطالبتهم بتذكر الحروف أثناء إجراء معادلات الرياضيات. وبينما كان أداء جميع المشاركين جيدا في المهمة، لاحظ الباحثون أن أولئك الذين سمحوا لعقولهم بالتجول سجلوا درجات أعلى في اختبار الذاكرة العاملة.
ولذلك قال باحثو الدراسة إنه كلما زاد عمل الذاكرة لدى الشخص، زاد تجوله العقلي دون أن ينسى المهمة المطروحة.
تحسن الأداء والصبر
ويمكن أيضا استخدام أحلام اليقظة كأداة فعالة لتحسين وزيادة الأداء. فقد وجد باحثون أكاديميون أن تجوال العقل يساعد الناس على تحسين أداء المهام من خلال تعزيز وظائف المخ وإعداد العقل لأداء مهام معقدة.
كما اكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين تتجول عقولهم أكثر يميلون أيضًا إلى التحلي بالصبر وأن تجول العقل يسمح بالهروب من مشاكل الحياة الواقعية.
وتخلص الدراسة الى النصيحة بأنكِ إن شعرت ببعض الضيق أو بكثرة المشاكل، أن تحاولي إغماض عينيكِ وترك عقلكِ ليأخذ حريته في التجول. قد تشعرين بالقلق في البداية، ولكن مع الممارسة ستشعرين بالفرق، وستكونين أكثر استرخاء مع أفكارك المتجولة.
ولا تُغفل الدراسة التحذير من الإفراط في أحلام اليقظة، وخاصة عندما تقومين بعمل يحتاج إلى التركيز الكامل، مثل قيادة السيارة.