الحزن أمر شخصي، والمشاعر بعد فقدان أحد الأحبة تختلف من شخص لآخر.. أما الطريقة التي تتأثر بها الصحة العقلية بالفقدان فتعتمد على العديد من العوامل، مثل سن المتوفى، وسن الطفل عند وفاة الوالد وطبيعة العلاقة به، وسبب الوفاة، نقص الدعم الأسري أو الاجتماعي... وغيرها.
إليك كيف يمكن التعامل مع الحدث الحزين، خصوصا رعاية المراهقين والأطفال، كما عرضها أخصائيو سايك سنترال.
في مرحلة الطفولة، من الممكن رؤية التحول في كيفية فهم الأطفال للموت وتعاملهم مع الحزن. بينما يبدو القلق مختلفا بالنسبة للكبار، ويظهر الحزن في فئات عمرية مختلفة بهذه الطرق الشائعة.
الأطفال أقل من 12 عاما
بالنسبة للأطفال الأصغر سنا، غالبا ما ينبع القلق بعد فقدان أحد الوالدين من التالي:
· فقدان من كان يقدم الرعاية.
· تغيير روتين الحياة.
· مخاوف بشأن رحيل أحبة آخرين.
وغالبا ما تنبع هذه المخاوف من عدم فهم ما يحدث وليس فقط من الخسارة. وفقدان أحد الوالدين في الطفولة قد يؤثر على الصحة العقلية للشخص لاحقا، وقد يزيد من فرص الإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ. كما قد يزيد من فرص الإصابة بالاضطرابات العاطفية أو الذهانية.
المراهقة والبلوغ المبكر
في هذه المرحلة يصبح الأطفال أكثر وعيا بأنفسهم. وفقدان أحد الوالدين خلال هذه المرحلة قد يتسبب في تحول القلق نحو القلق الوجودي. قد يقلق المراهقون والشباب بشأن التغييرات في الروتين أو الأنشطة التي شاركوها ذات مرة مع الوالد المتوفى.
يمكن أن تؤدي وفاة أحد الوالدين أيضا إلى تضخيم مؤقت لحالات الصحة العقلية الموجودة مسبقا فإذا كان مصابا باكتئاب خفيف، فإنه يميل إلى أن يكون أكثر شدة في حالة فجيعة حادة.
مرحلة البلوغ
الأشخاص في هذه المرحلة أقل عرضة للإصابة بالقلق المرتبط بالحزن، ويميلون إلى التقبل أكثر ويجدون الطمأنينة بأن والديهما عاشا حياة طويلة ومرضية. والبالغون الذين اعتنوا بوالد مريض يشعرون أحيانا بشعور من الراحة والسلام.
القلق المرتبط بالحزن على فقدان أحد الأحبة لا يختفي أبدا. فهو يظهر على شكل موجات كبيرة مفاجئة من الحزن حول تواريخ مهمة مثل أعياد الميلاد أو العطلات.
يمكن أن يكون القلق ناتجا عن ذكرى أو رائحة أو صوت أو غيرها. لكن موجات الحزن والقلق تلك تميل إلى التباعد بمرور الوقت في معظم الحالات.
قد يكون التعامل مع الحزن أمرا صعبا، ولكن هناك طرق لمساعدتك على التأقلم.
إفساح المجال للحزن: يوصي الأخصائيون بتخصيص وقت معين كل أسبوع للحزن، لأن هذا يسمح لك بمعالجة حزنك والشفاء. وتشمل بعض الأنشطة التي يمكن تجربتها ما يلي:
· النظر إلى الصور القديمة.
· الحديث عمن تحب.
· التفكير في ذكرياتكما معا.
· الكتابة إلى أحبائك كما لو كانوا هنا.
علينا أن نتذكر أن كل شخص يحزن بشكل مختلف، لا توجد قواعد للحزن. لا بأس من عدم البكاء. من الجيد أن تبتسم وتضحك. ولا بأس في البكاء كل يوم.
تجربة تمارين التنفس:
قد تساعدك تمارين التنفس على التغلب على المشاعر الصعبة والقلق وموجات الحزن الشديدة. ويمكن ممارستها كما يلي:
· ضعي إحدى يديك على بطنك والأخرى على صدرك وتنفسي بعمق.
· ضعي ذراعيك أمامك واضغط بقوة على كتفيك مثل عناق قوي.
أثناء التنفس، حاولي أن تلاحظي أي شعور بالراحة قد يجلبه لك هذا العناق المتخيل.
ابحثي عن الدعم والتواصل: يمكن أن يشعرك الحزن بالوحدة والعزلة. وبينما يفضل البعض التعامل مع مشاعرهم وحزنهم بمفردهم، فإن التواصل مع الآخرين يمكن أن يساعد في عملية الشفاء، خصوصا التواصل مع من تحبين.
مساعدة الأطفال على التأقلم
يمكن أن يكون فقدان أحد الوالدين أمرا صعبا للأطفال الأصغر سنا. لمساعدتهم على التأقلم يمكن القيام بما يلي:
· ضمان حصول الأطفال على علاقة واحدة آمنة على الأقل.
· إتاحة مساحة للعب.
· طمأنتهم وإزالة مخاوفهم.
· تشجيعهم على الحديث إلى شخص يحبونه.
· إشغالهم بنشاطات تشغل وقتهم.
متى تطلبين المساعدة؟
إذا استمرت أعراض الحزن والقلق طويلا وأثرت على نوعية حياتك، فقد يكون من المفيد طلب المساعدة من أخصائي الصحة العقلية. يوصي الأخصائيون بالسعي للحصول على علاج للصحة العقلية في هذه المواقف:
· الموت المفاجئ أو العنيف أو المبكر لأحد الأبوين.
· أفكار لإيذاء نفسك أو الآخرين.
· تغييرات شديدة في أنماط النوم أو الأكل.
· نوبات ذعر.
· التهيج والغضب.
أخيرا، يمكن أن يؤثر فقدان أحد الوالدين على الصحة العقلية على المدى القصير والطويل، ولكن الحزن قد يؤدي أيضا إلى النضج. إنه تحول يمكن أن يحقق في النهاية نضجا هائلا ويخلق امتنانا للحياة والروابط والتجارب التي نمتلكها خلال فترة وجودنا هنا.