إن كان الحمل ينطوي على بعض المشاعر المختلطة، فالمؤكد أن اكتئاب ما بعد الولادة، يكون أشد وطأة على صعيد المشاعر والعواطف، لأن تلك المرحلة تعج عادة بالتقلبات المزاجية، ونوبات البكاء والتهيج.
ونتيجة ما يستجد على المرأة وجسدها من الحمل وتبعاته، وكل ما يغلف تلك الفترة من اضطرابات، فقد تتولد لدى المرأة نتيجة لذلك، مشاعر حزن، وتوتر وقلق، بدلًا من مشاعر الفرحة والابتهاج التي كانت تتوقعها.
اكتئاب ما بعد الولادة، هو صورة من صور الاكتئاب السريري، الذي يبدأ بعد ولادة الطفل، ومن أبرز أعراضه:
- فقدان الشهية.
- التعب أو البكاء المفرط.
- صعوبة الارتباط بالطفل.
- الشعور بضجر وأرق.
- الشعور بنوبات قلق وذعر.
- الشعور بإرهاق شديد، غضب، يأس أو خزي.
وفي السياق نفسه، أكد الباحثون أن مرحلة اكتئاب ما بعد الولادة تشهد عادة حدوث كثير من الأسباب الشائعة للاكتئاب السريري في الوقت نفسه، ومن ضمن هذه الأعراض: التغيرات البيولوجية، الضغط الشديد، والتغيرات الرئيسية التي تطرأ على حياة المرأة.
فمثلًا قد تحدث تلك الأشياء عقب الولادة:
- عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- تأقلم الجسم على التقلبات الهرمونية الكبرى.
- التعافي من التبعات الجسدية لعملية الولادة، التي ربما انطوت على تدخلات طبية أو جراحة.
- ظهور مسؤوليات جديدة وصعبة.
- الشعور بإحباط، بسبب الطريقة التي سارت بها آلام المخاض والولادة.
- الشعور بعزلة، وحدة واضطراب.
يمكن أن يبدأ بمجرد حدوث الولادة، لكن المرأة قد لا تلحظه على الفور، لاسيما وأن شعور المرأة في تلك الفترة بحزن، إرهاق وانحراف مزاجي عمومًا يكون شعورًا عاديًا وطبيعيًا، ويستمر هذا الاكتئاب على مدار أول 4 إلى 6 أسابيع بعد الولادة مباشرة.
نظرًا لأن اكتئاب ما بعد الولادة، قد يظهر خلال الفترة من أسبوعين إلى 12 شهرًا بعد الولادة، فإنه لا يوجد متوسط لطول المدة التي تستغرقها نوبة الاكتئاب هذه. وسبق لمراجعة بحثية أجريت في العام 2014، أن وجدت أن أعراض اكتئاب ما بعد الولادة تتحسن مع مرور الوقت، وأن الأمور تحسنت في بعض الحالات خلال الفترة من 3 إلى 6 أشهر، بعد بداية ظهور الأعراض، واتضح -أيضًا- من نفس المراجعة البحثية، أن كثيرًا من النساء بقين في حالة من التأثر بأعراض الاكتئاب، بعد ال 6 أشهر.
تختلف طول مدة اكتئاب ما بعد الولادة من امرأة لأخرى، وإذا كانت لديك بعض عوامل الخطر، فقد يستمر لديك هذا الاكتئاب مدة أطول حتى مع العلاج. وبالنسبة لعوامل الخطر هذه، فهي تشمل ما يلي:
- الإصابة من قبل باكتئاب أو أمراض عقلية أخرى.
- مواجهة صعوبات في الرضاعة الطبيعية.
- تعقد الحمل أو الولادة.
- قلة الدعم من الشريك أو من أفراد الأسرة والأصدقاء.
- حدوث تغيرات حياتية كبرى خلال مرحلة ما بعد الاكتئاب.
- التعرض لاكتئاب ما بعد الولادة بعد حمل سابق.
كيف يمكن لاكتئاب ما بعد الولادة أن يؤثر على حياتك؟
ربما تعرفين بالفعل، أن هذا الاكتئاب قد يسبب لك بعض الأعراض الصعبة، ولسوء الحظ، فإنه قد يؤثر -أيضًا- على العلاقات، وهذا ليس خطأك، لكن ما يجدر بك القيام به، هو أن تبدئي في تلقي العلاج، وأن تحاولي تقصير المدة التي قد تصابين فيها بهذا الاكتئاب.
ما لم تشعري بتحسن بعد الولادة بأسبوعين، فيجب عليك الاتصال في تلك الحالة بالطبيب، حيث لا ينصح بالانتظار مدة طويلة، منعًا لتفاقم الأمور وصعوبة معالجتها.
ما يجب أن تعرفيه، هو أنك لن تتمكني من تجاوز ذلك الاكتئاب بمفردك، بل ستحتاجين لعلاجات طبية وعقلية، وهو ما يجب أن تسرعي فيه، حتى تتمكني من الاستمرار في تقديم الرعاية اللازمة لطفلك على قدر ما تستطيعين في تلك المرحلة الهامة.
ويمكن للأشياء التالية أن تساعدك بشكل كبير في التخفيف من أعراض هذا الاكتئاب:
- مضادات الاكتئاب، التي يمكنها معالجة أعراض الاكتئاب بأقل قدر من الآثار الجانبية.
- تلقي المشورة، عبر العلاج السلوكي المعرفي، الذي يعد أحد خطوط المواجهة لعلاج الاكتئاب.
- العلاج من خلال مجموعات الدعم التي تقدم النصائح، بناء على تجارب سابقة، ويمكن أن تعود عليك بالنفع بشكل كبير، لأنك ستحصلين على معلومات حقيقية ومجربة.