إنْ كنتِ حاملا فإنك مضطرة لأن تراعي أشياء كثيرة لم تكن في الوارد أو الحسبان، ومنها موضوع التلوث الذي نتعامل معه في حياتنا اليومية كأنه رفاهية.
فقد عثر باحثون في دراسة طبية أجريت حديثا، على جزيئات من مادة سوداء على جانب المشيمة، قاموا بدراستها، وتبين أن هذه المادة هي الكربون الأسود الناجم عن تلوث الجو والذي غالبا ما يكون في الرئتين. وهذا قادهم إلى استنتاج أن الكربون الأسود يمكن أن ينتقل من رئتي الأم إلى أعضاء أخرى في الجسم، رغم وجود المشيمة التي تحجز ما بين الأم والجنين أثناء الحمل.
ما هو الكربون الأسود؟
ما يأتي من مصادر حرق الوقود مثل السيارات التي تستخدم الغاز والديزل ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم. وهو مكون من جسيمات دقيقة ملوثة للهواء، ويرتبط بمشاكل القلب والتنفس، وكذلك بأمراض مثل السرطان.
وكانت الدراسات السابقة قد ربطت بين هذه المادة وانخفاض وزن الطفل عند الولادة والولادة المبكرة. ويخشى الباحثون أن تكون هذه المادة هي السبب في هذه العيوب.
واستخدم الفريق التصوير عالي الدقة لفحص أنسجة المشيمة التي تم جمعها من مجموعة نساء من مناطق سكن مختلفة. وكانت 10 من النساء قد تعرضن لمستويات عالية من الكربون الأسود، و10 أخريات تعرضن لمستويات منخفضة، كما تم فحص خمس مشيمات أخرى من نساء تعرضن للولادة المبكرة بشكل تلقائي.
تم تصنيف الأمهات تبعا لحجم التلوث في منطقة السكن، أي منطقة شديدة التلوث تقع على بعد 500 متر أو أقل من طريق رئيسي ثم منطقة أبعد وأقل تلوثا ثم منطقة تعتبر غير ملوثة لانخفاض مستوى الكربون الأسود فيها إلى الحد الأدنى.
وكشفت الاختبارات أن النساء اللاتي يعشن في المناطق شديدة التلوث لديهن جزيئات من الكربون الأسود في المشيمة، لكن مصدر الاستغراب كان أن العلماء عثروا على الكربون الأسود في كل مشيمة تم فحصها.
ويرى الباحثون أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد ما إذا كانت جسيمات الكربون قادرة على الوصول إلى الجنين، وما إذا كان هذا يفسر العيوب الخلقية المرتبطة بالتلوث. وعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث، تشير النتائج إلى أن انتقال جزيئات الكربون عبر أنسجة المشيمة أمر ممكن بالفعل.
وعلق أحد العاملين في الدراسة قائلاً: "يمكن للجزيئات الصغيرة أن تسبب أذى كبيرا للمشيمة، وهو أمر يشكل مصدر قلق، وآثاره المحتملة على الطفل والأم تستدعي المزيد من البحث.
فالمشيمة هي الوسيط بين الأم والطفل وهي مفتاح تغذية الطفل ودعم جميع احتياجاته. وتعد وظيفتها مهمة جدا، ليس فقط لنمو الطفل، لكن أيضًا للأم، فقد تم ربط ارتفاع ضغط الدم ونوبات عدم السيطرة على النفس أثناء الحمل بالتلوث الذي يعم المنزل، كما كشفت دراسة منفصلة أن التعرض لتلوث الهواء قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض عقلية مثل الاضطراب الثنائي القطب والاكتئاب الشديد.