أكد الفنان القدير غسان مسعود أنّ اختياره لمسلسل "مقابلة مع السيد آدم" جاء من إعجابه بفكرة العمل من لحظة طرح المخرج فادي سليم لها، أي قبل كتابة العمل.
وأشار مسعود في مقابلة إذاعية إلى أن الشخصية المكتوبة بشكل جيد تستهويه لكي يقدمها للناس، ولو أنّ المزاج العام لدى الناس يرى أن غسان مسعود يميل للشخصيات الملتبسة تاريخيا بحسب تعبيره.
وأما عن المشهد المؤثر الذي كان بنظر الجميع هو الأقوى في العمل وهو مشهد دفن ابنته "حياة" فأكد مسعود أن هذه اللحظة بالذات التي لم يحدث فيها أي شيء من الأداء على الإطلاق ففيها حصل التطابق الكامل بين غسان مسعود وبين شخصيته "آدم عبد الحق".
وأضاف أنه في الإخراج تم الاتفاق على شيء بينه وبين المخرج فادي سليم ولكن ماحدث على الأرض كان شيئا آخر؛ إذ حرك فادي كاميرته دون قطع ودون تغيير زاوية التصوير، لافتًا إلى أنه في هذه اللحظة نسفت كل هذه القواعد وراح المخرج ينقل الكاميرا ومسعود داخل لحظة الأداء لا يعرف ما حوله، مشيرا إلى أنها كانت لحظة خارج عالم التمثيل وفيها تطابق كامل بين غسان وآدم وكانت لحظة خاصة جدا لا تُمثّل ولا تتكرر بحسب وصفه.
"ذاكرتي الانفعالية خدمت آدم عبد الحق"
وعن تأثره الكبير باللحظة فأكد على نظريته التي اتبعها في المشهد، وجعلته صادقا إلى حد الحقيقة، حيث قال إن الممثل يعمل على الذاكرة الانفعالية وهي أن يستحضر الشخص من تاريخه أو ممن حوله لحظة تشبه هذه اللحظة، لذلك كانت لحظة الدفن قاسية جدا، وأضاف: "قبل الدخول للمشهد استحضرت بعض اللحظات القاسية في حياتي الشخصية، وجعلت ذاكرتي الانفعالية في خدمة هذه اللحظة ليس الذاكرة التي بنيتها لآدم عبد الحق؛ لأن الذاكرة التي أبنيها لآدم عبد الحق هي يوميا مليئة بالجثث ومن ثم هو مسيطر على عواطفه، أما غسان مسعود لا، ولذلك أكرر أن ذاكرتي الانفعالية كانت في خدمة آدم عبد الحق".
وأما عن فن التمثيل فهو بالنسبة لغسان مسعود فن الملاحظة، وهو السهل الممتنع، والتمثيل التلقائي المشفوع بالمعرفة وليس التلقائي العشوائي، فالأول كالعزف على النوتة أما الثاني فهو كالعزف السماعي، فالسماعي قد نسمع عزفا جيدا لكن يحدث مرة واحدة وقد يكون هناك نشاز في مكان ما، أما التلقائي المشفوع بالمعرفة أي النوتة فهو عزف بدقة ويتطور المرء معه حسب تطور النوتة المقدمة له، هذه الطريقة بالأداء تكون مبنية على مرجعيات علمية دقيقة جدا، ويكون المرء قد خلص من بناء الأمور وبناء الشخصية والتعرف على أمراضها الاجتماعية والنفسية، وهو بهذا المعنى يستطيع أن يقدم ذلك السهل الممتنع وهو طريقة ليست سهلة أبدا في فن التمثيل.
هل يصبح الطبيب قاتلاً؟
وهناك آراء كثيرة تتناول الطرح في العمل من حيث إمكانية أن يتحوّل الطبيب الرحيم إلى قاتل ومجرم يقتصّ من قاتلي ابنته بيديه، وهو ما علّق عليه غسان مسعود بأنه استشهد بقول للدكتور آدم حين يقول إنّ للعدالة وجوها أخرى وأنا أسعى من خلال هذه الوجوه الأخرى للعدالة، أن أحق الحق؛ لأن العدالة بوضعها الراهن تضع هذه الهلالة على عينيها، ومن ثم لن يكون مقبولاً لرجل يعرف مداخل ومخارج العدالة أن تذهب دماء ابنته هدرا.
ويتابع أنه لذلك يذهب إلى تحقيق العدالة بوجه ما، وهو برأي مسعود مؤشر خطير في المجتمع؛ فعندما يغيب الانتظام وتغيب العدالة وتأخذ استراحة حينها يذهب كل إلى تحقيق العدالة بطريقته الشخصية، مضيفا أنه لا يدعو إلى هذه الطريقة بل هي صرخة لأن تكون العدالة صاحية تماما.
ويتابع عن الدكتور آدم أنه وجد أن دم ابنته سيذهب هباء فقرر أنه هو من سيصنع الأدلة ويخفيها، وهذا يعطي مثالا هل هو قاتل أم لا، ويقول إنه بعد 28 حلقة يجب أن يكون الناس قد عرفوا من هو آدم عبد الحق.
وعن احتمالية وجود أجزاء أخرى للعمل فأكد مسعود أنه أمر يخص المنتج والمخرج والكاتب، كما أشار إلى رمزية اسم حياة في العمل من حيث إن الدكتور آدم شعر أنهم اعتدوا على حياته، ودفنها بيديه، وتساءل ماذا نتوقع من رجل وقعت عليه هذه المظلمة أن يفعل؟
تماه في الحلاج أيضا
وأكد أن حالة التماهي التي عاشها في مسلسل "مقابلة مع السيد" آدم وتحديدا مع مشهد دفن ابنته، مرّت عليه مسبقا في مسلسل "الحلاج" وهو العمل الذي لم يأخذ حظه من مشاهدة الجمهور بشكل جيد ؛لأنه منع من العرض على المحطات، وعرضه على بعضها كان خجلا فقط، أما سبب المنع فهو التباس الشخصية وبسبب المواقف الأصولية للأشخاص الذين يكرهون تحرر العقل، وأشار إلى أن العمل كان فيه مستوى عال من الأداء يعتز به جدا، وكان فيه لحظات كثيرة، لم يستطع فيها التمييز بينه وبين الحلاج وأيضا في مسلسل أبو بكر الصديق.
وكشف مسعود خلال اللقاء عن سبب قلة الظهور على التلفزيون وهي كما قال بالدرجة الأولى النص، مضيفاً أنه عندما يقدّم له نص جيد سيعمل لكنه يرى أن الخيارات اليوم ضيقة أكثر من الماضي، وتمنّى أن يكون هناك نصوص جيدة فعلا.
نصيحة "السدير"
سينمائيا كشف غسان مسعود أنه بانتظار فيلم جديد لكنه لن يعلن عنه أبدا بسبب قضايا تقنية حيث نصحه ابنه السدير بعدم الإعلان عنه، وهو مع المخرج "تيرانس ماليك" المعروف أن صناعة الفيلم عنده في المونتاج وليست في التصوير.
كما كشف عن تحضير بالنفس الطويل لعرض مسرحي قادم، أما في التلفزيون فلا جديد يحضّر له.
وبين أنه يستشير ابنه ويختلف بالآراء مع ولديه السدير ولوتس، لكنهما لا يخافان أمامه، وقال: مثلا لوتس لم تكن فقط ندا في المسرحية الأخيرة بل "وجعتلي راسي" حسب تعبيره.
ويشير إلى أن سبب ذلك لأنه دربهما على معنى الثقة المدعومة بالمعرفة، وهذه الثقة تدعم بالمعرفة يوما بعد يوم لكن لكل منهما شخصيته المستقلة.
الفن موهبة
وفي رده على من يقولون إن الفن بالوراثة قال إنه من المستحيل أن يكون الفن بالوراثة أو بالواسطة فإما أن يكون الشخص موهوبا وإما لا، مضيفا أنه يستطيع أن يعطي الموهبة لابنيه لكن الله هو من منحهما ذلك، مؤكّدا أنهما درسا أشياء أخرى غير الفن ولكنهما مارسا الفن وكانت تلك موهبة جميلة.
وحول إسناد شخصية "معتصم" لابنه الشاب السدير؛ نفى مسعود أن يكون له أي دور في ذلك، بل المخرج والكاتب فادي سليم هو من اختاره للدور، ومثله أيضا في مسلسل "نبتدي منين الحكاية"حيث اختاره المخرج سيف الدين سبيعي، وفي "الحلاج" أيضا اختاره هادي قرنيط، وختم مسعود: "أنا لا أقدّم أولادي أبدا".