الضرائر.. هل هي قصص تسويقية من اختصاص الدراما الشامية؟

أرشيف فوشيا
فريق التحرير
14 مايو 2020,3:37 ص

لطالما تناولت الدراما السورية موضوع الضّرائر "تعدّد الزّوجات" بكثير من الفكاهة والتندّر أحياناً وبالمكائد والخطط أحياناً أخرى، ولطالما كانت الزيجات الثانية والثالثة وحتّى الرابعة مساحة خاصّة لمكائد الضرّة، والظفر برضا الزوج المقسوم عليهن.

ولعلّنا لا نبالغ إذ قلنا إنّ أعمال البيئة الشامية كانت هي المجال الأكبر لطرح قضية الضّرائر وخاصة بما تنتجه هذه الأعمال من عقليات الحارة القديمة، وحقوق الرجل وميزاته التي لا تعد ولا تحصى، ابتداءً بكلمته التي لا تكسر في المنزل، وليس انتهاء بالزواج المتعدّد، دون الالتفات إلى رأي الزوجة الأولى التي تكون مقتنعة برغم حزنها من حقه في تعدد الزوجات، فإن قررت الاعتراض على زواج زوجها سترى والديها وعائلتها أول من يقف بوجهها لتستسلم للأمر الواقع.

وهكذا يكون الأمر اعتياديًا ويأتي الزواج الثاني والثالث بموافقة الجميع ومباركتهم سواء من أهل الزوج أو الزوجة الأولى على حدٍ سواء، وهو ما كرّس هذا المفهوم لدى معظم أعمال البيئة الشامية من حيث إن هذه الأعمال تضع مطالب الرّجل وأنانيته فوق كل اعتبار، لدرجة أنّنا قد نشاهد في كثير من الحالات أنّ الزوجة الأولى هي من تخطب لزوجها، وهي من تجلب لنفسها الضّرة، وهو ما شاهدناه في مسلسل "ليالي الصالحية" عندما يتوفى حاتم ابن الزعيم أبو حاتم، وماتقوم به "أم حاتم - نبيلة النابلسي" من الإلحاح على زوجها "أبوحاتم - رفيق سبيعي" للزواج بأخرى، بل وتقوم أيضاً بترتيب هذا الزواج حتى يتم على أكمل وجه.

لكن وبأحيان أخرى تكون الضّرة العدو الأقسى لضرّتها، من كثرة ما تحيك لها المكائد والمشاكل كما رأينا مسبقاً في مسلسل "أيام شامية" والضرتين "أم عبدو ونزيهة" واللتين تؤدي دورهما كل من "سامية الجزائري ووفاء موصللي"، فأم عبدو هي الزوجة الأولى وأم الأولاد، أما نزيهة فالضرة الثانية التي تفشل كلّ مساعيها في إنجاب ولد والتّفوق على ضرتها، لذلك تلجأ إلى الحيلة لتوقع بضرّتها في مشاكل عديدة مع زوجها أبو عبدو "خالد تاجا" وينتهي الأمر بطلاق نزيهة، بعد فضح مكيدتها التي حبكتها لأم عبدو.

وهذا أيضا ما نجده في مسلسل "عطر الشام" وما تقوم به إمارات رزق "فوزية"، زوجة الزّعيم "أبوعامر" الذي يؤدي دوره الفنان رشيد عساف، وكل محاولاتها لتوقع بضرتيها المصائب وتسكب عليهما غضب الزوج خاصة أنها من أنجب الولد، وحظيت بالمحبة الأكبر من الزوج، الأمر الذي جعلها متسلطة ومتحكمة بباقي زوجاته.

وعلى ما يبدو فإن هذه الخلافات والمشاكل والكيديات التي تكثر بين الضرائر كانت استخداماً مقصوداً من قبل صنّاع الأعمال الشامية، من حيث إنّها تجذب المشاهد بما تحمله من الطّرافة والكوميديا أحياناً والأكشن في أحايين أخرى، كما في مسلسل "باب الحارة" وزوجات عصام، "ميلاد يوسف" "فايزة ولطفية وهدى" ومشاكلهن التي لا تنتهي، وغيرتهن التي توقعهن بخلافات دائمة معه على كلّ صغيرة وكبيرة، وأحيانا اتفاقهن عليه مما يولّد نوعًا من الكوميديا.

كما أنّ هذه الكيديات تأخذ مساحة ليست بقليلة من الأعمال، وغالباً ما تكون محركاً رئيسا للأحداث وتبنى أكثر مشاهد العمل عليها، ومثال ذلك في مسلسل "سلاسل ذهب" في زوجتي أبو خالد "عبد الهادي الصّباغ، واللتين تؤدي دورهما الفنانتان "جيني إسبر وسحر فوزي"، ومحاولات كل ضرّة أن تبعد زوجها عن ضرّتها.

لكنّنا في العمل ذاته نجد صورة مختلفة للضرائر، فعلى الرغم من حالة العداء المعهودة بين الضرتين، إلا أنهما في حالة "زكية وذهب" زوجات الصاغاتي "مهيوب-بسام كوسا" متفقتان لإعادة ما سرقه منهما زوجهما وتحاولان جهدهما لإفشال مخططاته الشريرة، فتأتي صورة هاتين الضرتين مختلفة تماماً عما سبقها من حالات الضرائر المعهودة.

إلا أن الأمر مختلف كثيراً في مسلسل "سوق الحرير" الذي يعرض في رمضان الجاري، فـ "كريمة وقمر وخديجة" زوجات عمران الحرايري الذي يؤدي دوره الفنان بسام كوسا، هن ضراير من نوع مختلف، فعلى الرغم من حالة الصراع الخفي بينهن، إلا أنهن في النهاية متفقات في المنزل، وفي عدم السماح لزوجهن بالزواج بواحدة رابعة.

ولعل حالة التسويق التي تجري وراءها جميع الأعمال الدرامية تحتّم على صنّاعها اختراع الأحداث التي تحقّق نسب مشاهدة أكبر، فتكون حالة الضرائر أول هذه الأحداث، وأكثرها استخداماً خاصة في الأعمال الشامية وكأنها عرف أو تقليد، أو سمة أساسية من سمات البيت الشامي.

google-banner
foochia-logo