اعتبر الكثير من المتابعين أن المسلسل الدمشقي "سوق الحرير" نقلة نوعية لأعمال البيئة الشامية، وهو من تأليف حنان حسين مهرجي، إخراج الأخوين مؤمن وبسام الملا، إنتاج شركة ميسلون.
ولاحظ الجمهور أن أبرز الأمور التي تجعل "سوق الحرير" مختلفاً هو خروجه من دائرة الانتداب الفرنسي لسوريا أو الحقبة العثمانية ومقاومة الشعب لهم حيث كانت هذه الأحداث من ركائز أي عمل شامي، إذ نشاهد في بداية المسلسل دمشق عندما أخذت استقلالها من المستعمر الفرنسي في أواسط الأربعينيات من القرن الماضي وصولاً إلى الفترة التي تدور فيها الأحداث في أواسط الخمسينيات حيث تشهد الشام خصوصاً وسوريا عموماً تطوراً واسعاً على كافه الأصعدة والمجالات منها دخول الراديو إلى كل بيت دمشقي وقدرة الفرد على الذهاب والاستمتاع في مشاهدة الأفلام داخل صالات السينما، وهذا ما لفت المتابعين في الحلقة 12 التي عرضت مشهد لزوجات "عمران" وأخته ووالدته وهن يشاهدن فيلما للفنان الراحل عبد الحليم حافظ في صالة السينما.
وتدور الحدوتة الشامية حول "عمران" المتزوج من أربع نساء تلد اثنتان من زوجاته في يوم واحد، ولكن إحداهما تموت أثناء الولادة، فيما تتوه الأخرى بتحديد هويّة مولودها من مولود ضرتها، بالإضافة إلى قصة "غريب" الذي يفقد ذاكرته في طفولته ويستعيدها عندما يصبح كبيراً بسبب الصدمة التي يتلقاها عند وفاة زوجته.
باب الحارة و سوق الحرير
قارن الكثير من المتابعين هذا العمل مع مسلسل البيئة الشامية الشهير "باب الحارة" الذي امتد لتسعة أجزاء وحقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً في الوطن العربي، وجاءت هذه المقارنة بسبب وجود أصحاب الفكرة و المخرجين ذاتهما للمسلسلين وهما الأخوين مؤمن وبسام الملا، وقال البعض من الجمهور بأن "سوق الحرير" يُعتبر كفّارة عن "باب الحارة" الذي صوّر الشام في فترة الاحتلال الفرنسي بقالب متخلف، بالإضافة إلى سيطرة الرجل على المرأة بشكل مفرط وهذا ما استفز الدمشقيين كثيراً، أما "سوق الحرير" يصوّر دمشق ونساءها بطريقة متحضرة جداً كما كانت عليه بالفعل، حيث نرى الطبيبة أو المعلمة لها رأيها في مجتمعها لكنه يستمر بالحديث عن عالم المرأة الشامية وظروف بعضهن والغيرة والأحاديث الجانبية التي تسمى "ثرثرة" وبعض المواقف التي تجبر المرأة على الزواج ورفض خروجها عن رأي زوجها حتى لو قرر الزواج عليها اثنتان أو ثلاثة.
كما أن المسلسل استطاع جذب المشاهدين من جديد للأجواء الدمشقية وتحقيق نسب مشاهدة عالية، إذ حملت الحلقات الـ13 الأولى التي عُرضت على الشاشات التلفزيونية آراء يمكننا القول إنها إيجابية حول أبطال العمل، وأداء متميز للنجم السوري سلوم حداد بطريقة تمثيله لشخصية "غريب – عبدالله" والتعامل مع المواقف أثبتت مرة جديدة أنه رقم صعب في الدراما العربية وخصوصاً المشهد الذي جسده عند تلقيه خبر فقدانه لزوجته واستعادة ذاكرته في الوقت نفسه من خلال ضرب رأسه على جذع الشجرة، وهو المشهد الذي حقق نسبة مشاهدة عالية على مواقع التواصل الاجتماعي وأشاد الجمهور بالإبداع الذي قدمه حداد، كما لفتت النجمة السورية كاريس بشار الجمهور في إتقانها شخصية "قمر" المرأة الشامية الغيورة التي لطالما افتعلت المشاكل بينها وبين ضرتها، وهذا ما جعل كل من يشاهدها إما يتعاطف معها أو يكرهها قائلين إنها "أضافت نكهة خاصة للعمل"، كما جذب المشاهدين إطلالةُ الفنانة هيفاء واصف بعد غياب طويل عن الدراما السورية معتبرين أنها أدت دورها بقوة كبيرة.
بطء في الأحداث وصدف كثيرة
من جانب آخر انتقد عدد من الجمهور مسلسل "سوق الحرير" بسبب التركيز على مسألة تعدد الزوجات غير المبرر إلا تسويقياً، و لجعل الأحداث ساخرة وتسطيح الدراما الشامية مرّة أخرى بحسب وصفهم، مضيفين بأن المخرج بسام الملا ما زال يركز على هذه القصص غير المهمة والتي لا تُعتبر مادة تاريخية بل فقط من أجل التسويق، وعلى الرغم من أن المسلسل حافل بأسماء نخبة من نجوم الدراما السورية لكن البعض قال بأن الفنانين وقعوا في فخ النص الذي لا يحتوي على أحداث مشوقة خاصة وأن تمر ببطء شديد بمشاهد فيها الحوار طويلا وغير مجدٍ فقط لتمرير الوقت وهو ماجعلها مملة إضافة إلى حضور الصدفة كأحد حلول بعض الأحداث الدرامية خاصة أن "غريب- سلوم حداد" استرجع ذاكرته في يوم وفاة زوجته وذهب إلى المقبرة باحثاً عن قبر والده وبالصدفة تواجد ابن شقيقه هناك ليساعده في العودة إلى أهله، والولادة التي تمت بلحظة واحدة مع بداية العمل.
بعد الحلقات الأولى وبين السلبيات التي يكتبها الجمهور والإيجابيات لا يرغب الجمهور بتكرار تجربة "باب الحارة" خاصة وأن صناع العمل أعلنوا مبدئياً عن ثلاثة أجزاء وهذا ما أثار استياء المشاهدين معتبرين أنه يُشبه مسلسل "باب الحارة" الذي أصابهم بالملل بسبب تعدد الأجزاء والانتظار كل سنة لمشاهدة ماذا سيحدث، خصوصاً بأن "سوق الحرير" لا يحتوي حالياً على الكثير من الأحداث التي تحتمل التمديد.
وبين هذا التأرجح لا يمكن اعتبار "سوق الحرير" عملاً يتفوق على غيره أو ينازع على المقدمة بالرغم من نخبة النجوم الحاضرة فيه وإن كان من الواضح أن صناعه عملوا على هذه الإطالة حتى يخبؤوا أحداثا للأجزاء المقبلة بانتظار ما تبقى من حلقات هذا العمل لمعرفة ما ستؤول إليه الأحداث وما ستحمله من جديد.
يشارك في البطولة عدد من نجوم الدراما السورية منهم بسام كوسا، سلوم حداد، أسعد فضة، كاريس بشار، ميلاد يوسف، قمر خلف، هيفاء واصف، نادين تحسين بيك، فادي صبيح، شادي الصفدي وغيرهم.