الحمل فترة رائعة تتسم بالانتظار، لكن المحزن أن تنتهي تلك الفترة قبل أوانها وتخسر المرأة جنينها؛ ما يضعها في دائرة لوم النفس إلى حد يؤثر على حياتها، وقد تمضي فترة طويلة وهي تحمل نفسها المسؤولية عما حدث.
الإحساس بالندم والخجل بعد الإجهاض قد يطغى على حياة المرأة إلى حد يصبح فيه تقديم استشارة ومساعدة من أخصائي نفسي أمرا ضروريا؛ فالمرأة في تلك المرحلة تكون مفعمة بالشعور بالذنب، وتأخذ باسترجاع كل تفاصيل حياتها في محاولة للبحث عن سبب للإجهاض.
حسب الكلية الأميركية لأطباء النسائية والتوليد، فإن نصف حالات الإجهاض على الأقل، ينجم عن خلل في عدد الكروموسومات لدى الأجنة، وهو السبب الأكثر شيوعا للإجهاض، لكن إجراء الفحوص الجينية للجنين أمر معقد وباهظ التكاليف، لذلك فإنه من النادر إجراء الفحوصات الجينية لأي سيدة قبل ثلاث حالات إجهاض.
ومؤخرا قام فريق من الأطباء بتطوير فحص جيني جديد وسريع يحتاج لعدة ساعات لإنجازه، ويكلف القليل.
بالإضافة إلى الخلل الجيني، هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تجعل المرأة تعتقد أنها فقدت جنينها بسببها، وبالتالي تلوم نفسها. فقد أظهر مسح نشر في مجلة النسائة والتوليد عام 2015، أن حوالي نصف النساء اللواتي تعرضن للإجهاض يشعرن بالذنب، ويعتقدن أنهن قمن بعمل خاطئ أدى إلى خسارة الحمل؛ فالمرأة تتساءل هل أكلت شيئا خاطئا؟ هل تمرنت أكثر من اللازم؟ هل حملت شيئا ثقيلا؟ هل تعرضت لضغط نفسي؟ إن الوصول إلى إجابة شافية، قد يغير الكثير في نفسية المرأة.
هذا البحث الجديد الذي يؤكد أن هناك خللا جينيا يمكن أن يؤدي إلى الإجهاض سيكون كضوء في آخر النفق، فالغالبية العظمى من النساء اللواتي أجهضن عبرن عن رغبة طاغية في معرفة سبب الإجهاض، حتى لو لم تكن هناك وسيلة لمنعه.
لهذا السبب بالذات يعتبر هذا الفحص تغييرا لشروط اللعبة؛ فمعرفة النساء للأسباب يساعد على زوال مشاعر الخجل والإحساس بالفشل التي ترافق حالات الإجهاض، وسوف يضع حدا لأعراض الاكتئاب المرضي الذي تعاني منها النساء لفترة طويلة بعد الإجهاض، وهذا ما سيجعل الفترة اللاحقة للإجهاض أكثر لطفا وأقل تعقيدا.
لن يجيب الفحص عن جميع الأسئلة المرتبطة بالإجهاض، لكن إذا لم يظهر الفحص وجود خلل جيني، فإنه سيطلق المزيد من الأسئلة حول السبب، فإذا أظهرت الفحوص أن سبب الإجهاض ليس جينيا، فهذا سيمنح الأطباء الفرصة للبحث عن السبب الحقيقي للإجهاض ومعالجته بشكل مبكر قبل أن تعاني المرأة من إجهاض آخر؛ ما يمنح الزوجين أفضل فرصة في الحمل القادم، ويريح الزوجة من الكثير من الضغط النفسي الذي يمكن أن تعاني منه بعد الإجهاض.