بعد أن غزت التحولات الرقمية المجتمعات وبدون استئذان، أصبح كل شيء متاحا، حتى صار بمقدور الجميع اليوم أن يتواصلوا مع أي كان دون فواصل أو حواجز، لسهولة التواصل الرقمي بطريقة لم يكن يفكر بها الإنسان سابقا.
اليوم، وبعد تفشي وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق، تمكن الأفراد من التلاقي مع بعضهم بعيدا عن التعقيد أو اختلاف العادات أو التقاليد، فمن خلال تطبيقات وبرامج كثيرة، أصبح التعارف أمرا ليس بالصعب؛ فأخذ الجنسان؛ الذكر والأنثى يبحثان عن التلاقي الفكري، والحوارات، وتباين الآراء، يقول المتخصص في الدراسات الاجتماعية الدكتور فارس العمارات.
خطوات تمهيدية
من خلال هذه التطبيقات، أصبح من السهل تواصل الفتاة مع الشاب لمجرد الإعجاب بصورته وملفه وكافة تفاصيله التي يعرضها أمام الجميع، وبالتالي هو الشخص الذي تجد فيه صفات وخصائص تبحث عنها من خلال صورته.
وبإمكانها من شكله وملامحه في الصورة، بحسب العمارات، أن تحلل شخصيته، وتجد فيها ما تبحث عنه وتسعى إليه، ما يدفعها لمحاولة التقرب إليه، فتبدأ بإرسال بعض الصور التي تحمل في طياتها معاني الصباح والمساء، كنوع من عوامل جذب تجعله يفكر في السر وراء اهتمامها هذا، فيقرأ ما بين السطور وما تحمله تلك المعاني، وربما تُظهر له اهتمامها من خلال إعجابها بالسيرة الشخصية التي يُظهرها على صفحته.
ويرى كذلك أنها قد تبادر بإبداء رأيها وتقديرها لسيرته الذاتية، وتثني عليها، من باب احترامها للمبدعين، فتحاوره من وقت لآخر في مواضيع وعناوين تتعلق بحياتها دون إظهار أية إشارة لشخصها، ولا ما تخفيه من نوايا تجاهه، فتجد من خلال ذلك الحوار ضالتها وما يغذي شعورها وإحساسها.
الجرأة في طلب الصداقة
قد يتطور الأمر، وفق العمارات، إلى أن تطيل النقاش معه وتطرح الأسئلة عليه بغرض اكتشاف ما وراء الصورة، في محاولة منها للوصول إلى المراد والهدف الذي تفكر به، خصوصا أن الانطباع الأول قد لا يكون إيجابيا، بل ربما يأتي فيما بعد بالحقيقة، التي قد تكون مُرّة، أو جميلة، فتطلب عندئذ صداقته.
إن قبول الشاب لصداقة تلك الفتاة، يتطلب مرونة لاحقة في التواصل بينهما، وهو الأمر الذي لا ترى فيه الفتاة أية إساءة إليها، خصوصا أن العالم اليوم لم يعد مقصورا على حدود، ولا يتوقف التعامل فيه على معايير معينة أو محددة، وإنما يتميز بالتلاقي الرقمي سهل المنال، الذي قد ينجم عنه سفر أحد الطرفيْن لملاقاة الآخر في مكان ما في هذا العالم الضيق.
وباعتقاد العمارات، لم يعد التعبير عن الإعجاب بأي شخص فيه بعض التحفظات، فكما يعجب الشاب بصورة فتاة ويرى فيها الصفات التي يبحث عنها ويسعى للحوار والنقاش معها فيطلب حينها صداقتها ويتعرف عليها، ويصرّح عن إعجابه بشخصها، فإن الفتاة كذلك لم يعد بينها وبين التواصل مع من ترى فيه الصفات التي تحب أي حجاب أو فاصل، تحديدا إذا كانت هناك مصالح قد تجمعهما كالسعي للحصول على وظيفة بسبب منصبه ومكانته، أو الزواج منه والاستقرار معه.
ولا ننسى أن كل الأمور التي كانت في السابق صعبة ومعقدة وممنوعة باتت الآن مسموحة ومتاحة، وإن كان يحكمها بعض الضوابط التي تنظم العلاقات أيّا كان نوعها ومكانها وأشخاصها.