لكي يجدد المحبون العهد بينهم، ويخلقوا الفرصة لتطوير فنون التعامل والتفاهم حول علاقتهم ومن مختلف النواحي؛ المشاعر، والحب، والجنس، والإنجاب، واتخاذ القرارات، لا بد من توافر مهارات الإصغاء الجيد والتعامل مع الشريك من أجل زيادة الألفة والتفاهم والانسجام.
فكما ترى الدكتورة في هندسة الخدمة البشرية الدولية رولا عواد بزادوغ، أنه من الطبيعي حدوث سوء تفاهم أحيانا بين المحبين، ولكن مع التمرس، يمكن تطوير طريقة التواصل والتعبير عن مشاعرهم ورغباتهم بشكل أفضل، تقليصا لخلافات قد تتطور أكثر على المدى البعيد.
الإصغاء الجيد
إن "الكلام دون إصغاء كالكتابة على الماء"، هكذا وصفت بزادوغ حال من لا يصغون جيدا لبعضهم؛ فالإصغاء الجيد لا يعني الاكتفاء بالسماع فقط، وإنما الاستماع بهدف فهم الطرف الآخر قبل محاولة الرد، والتركيز جيدا على ما يقوله أو يحاول قوله.
وهذا ما يدعو أحد الطرفين لعدم مقاطعة الطرف الآخر أثناء الكلام، والنظر إلى عينيه وهو يتكلم ليظهر الاهتمام والتركيز بحديثه، والتفكير بما يقوله، بدلا من التفكير بكيفية الرد عليه.
لأن المسألة ليست مبارزة أو استعراضا للعضلات أو إثبات شيء ما، ولا يعدو الموضوع مسألة محاورة الشريك لتفهمه وتقريب الأفكار، للعيش بسعادة وسلام.
لا للحديث بنرجسية
إن كان لدى أي طرف خلاف مع الآخر، فليكن قادرا على التعبير عن مشاعره دون معايرة أو عتاب ولا كيل الاتهامات، ولا تذكيره بما قام به، والأنفع تبيان الأثر النفسي السلبي الذي انعكس على الطرف الأول، كأن يقول: "الموضوع أحرجني" أو "شعرتُ بالحرج جراء كلامك وتصرفك"، وهذا الأمر سينقله من موقع الضحية إلى موقع الشخص الناضج القادر على حل مشاكله دون خلق صراعات قد تزيد ويصعب إيقافها.
لذلك، وحسبما توصي بزادوغ من الضروري جدا أن يعلم الطرف الآخر حجم الأذى الذي وقع على الطرف الأول وما يشعر به؛ ما يعني التركيز على مشاعره أكثر من توجيه أصابع الاتهام للثاني.
لغة التواصل الجسدية
أي محاولة إحلال الطرف الثاني مكان الطرف الأول، ليتبين له كيف تكون الأمور من منظوره الشخصي، وكيف يراها ويشعر بها، وهل سيجد نفسه يسير على صفحته ذاتها، ويتفق معه على المفاهيم أم يحتاج لخلق لغة تفاهم وتواصل جديدة لفهمه؟
خصوصا أن هناك الملايين من الحركات البسيطة القادرة على خلق لغة تواصل جسدي فعال بين الطرفين وتقرب وجهات النظر وتشعرهما بالحب والحماسة من جديد، حسبما ترى بزادوغ.
ومن الأمثلة التي طرحتها على تلك الحالة، هي مبادرة طرف بعناق الطرف المنفعل أثناء وقوع خلاف بينهما، قد تجعل الطرف الآخر يعيد النظر بموقفه أو يخفف من وطأة حدته، فينتهي الخلاف أصلا.
وهذا ما يتطلب منهما تجنب إهمال لغة التواصل الجسدية بل خلقها إن أمكن ذلك، والعمل على تطويرها كي تأخذ الحيز الأكبر من تواصلهما كزوجين، فيحظيان بحياة ملؤها التفاهم والرضا.
ومن جهة أخرى، تلعب تلك اللغة دورها الكبير بإشباع الجوع العاطفي بينهما، والتأثير على هرمون السعادة، فلو بدئت بنظرة العينيْن ستنتهي حتما بالعناق.
السعي لتطوير النفس
ومن وجهة نظر الباحثة بزادوغ، لا بد من تطوير النفس بالتخلص من العادات السيئة التي يمكن أن تضر بها وبالعلاقة مع الشريك، وتجنب النرجسية والأنا أثناء الحديث معه، والاعتراف باختلاف هرم الأولويات بين الشريكين، من خلال الحوار من أجل تحديدها والاتفاق عليها.
فمثلا لو كانت أولويات الزوجة تربية أطفالها أو العناية بعائلتها، أما زوجها فأولوياته الجنس أو الطعام فهنا لن يستطيعا العيش بسعادة وسلام.
لذلك، ومن أجل التواصل من جديد كمحبين يتوجب عليهما الاتفاق على أسس العلاقة وهرم الأولويات والتحاور بطريقة فعالة ليتمكنا من الاتفاق والوئام.
وأنهت بزادوغ حديثها بالقول: "إضفاء بعض الدفء على الكلمات اليومية المعتادة بين الطرفين، يؤدي لا محالة لتقوية المشاعر، وتخفيف حدة الاختلاف إن وُجد، وتوطيد العلاقة وتجديدها".