تشتكي الأم أحيانا من فرط حركة طفلها، ومن قصور انتباهه وتشتته، وإن تكلمتْ معه أظهر شخصية عدوانية وعصبية لا تحتمل، فتقف حائرة عن السلوك الصحيح الذي تتبعه معه، عله يهدأ ويركز معها.
وهذه المسألة كثيرا ما تؤرق الأم وتدعوها للتساؤل: هل من الممكن أن تختفي أعراض فرط الحركة والقصور في الانتباه لدى طفلها بشكل نهائي أم أنها تتلاشى مع الوقت، وكيف يكون ذلك؟
عن هذا التساؤل يجيب الطبيب العام الدكتور محمد يونس المداينه بأن متلازمة فرط الحركة وقصور الانتباه والتشتت من أكثر الاضطرابات انتشارا وتشخيصا لدى الأطفال، ومن الممكن أن يظهر عند الذين يعانون من هذه المتلازمة جانب واحد أو بعض الأعراض دون سواها، ويكون تشخيص هذا الاضطراب عندما تلحظ الأم أن طفلها لديه فرط في النشاط الحركي إضافة لإشكالية في توزيع الانتباه والتركيز بشكل جيد، إلى جانب انعدام القدرة على الالتزام الكامل وإنجاز أي مهمة لوقت طويل، وصعوبة في تنظيم الأشياء وفق السياق المطلوب.
ورغم ما يتسم به الأطفال المصابون بهذه المتلازمة باستحالة جلوسهم هادئين لفترة طويلة، إلا أنه لا يمكن اعتبارها مشكلة في الإدراك أو التفكير والتحليل، إنما متلازمة تتجلى آثارها في الانضباط الذاتي، ويتم تشخيص العدد الأكبر من حالات الإصابة بهذه المتلازمة بين الأطفال الذكور بشكل أكبر من الإناث.
الوراثة التي تكون السبب عند أغلب الحالات، والتعرض للسموم البيئية من الرصاص والزئبق بمستوى عال، إلى جانب انخفاض الوزن عند الولادة، كلها عوامل ينتج عنها هذه المتلازمة، بحسب المداينه.
ماذا عن أعراض تلك المتلازمة؟
الأعراض التي تدل على الإصابة بمتلازمة فرط الحركة وقصور الانتباه تظهر عند الأطفال ما قبل سن السابعة، كما أن بعض الحالات قد تظهر عليها الأعراض بشكل مبكر حتى عند الرضّع. فيما تختلف أعراضها من طفل لآخر، وقد تزيد عند أحدهم أو يختفي البعض منها، أو تختلف نسبة ظهورها في المراحل العمرية المختلفة، كأن يظهر فرط الحركة وقصور الانتباه والتشتت قبل مرحلة المدرسة مثلا، وفق المداينه.
في بعض الأحيان، قد يرافق هذه المتلازمة بعض الاضطرابات الأخرى عند الطفل كصعوبة التعلم الذي يزيد من صعوبة حفاظه على المستوى التعليمي والاستيعاب والاستجابة، ويعد كذلك عسر القراءة وعسر الحساب من أكثر صعوبات التعلم انتشارا بين ذوي متلازمة قصور الانتباه وفرط الحركة.
ومن الاضطرابات المصاحبة أيضا، أضطراب العناد أو اضطراب التحدي الاعتراضي، حيث يتصف المصابون به بكثرة الجدال وسرعة الغضب وفقدان الأعصاب، ويغلب على طبعهم العنف بشكليْه اللفظي واليدوي.
أما عن أعراض التشتت فيلخصها المداينه بعدم الاهتمام بالتفاصيل والوقوع في الأخطاء بكثرة، وصعوبة بالغة في الحفظ والتركيز، بحيث لا يريد الاستماع لأحد، وكأنه يعيش في عالم آخر بعض الأحيان، مع صعوبة في الترتيب والتنظيم.
أما أعراض فرط الحركة لدى الطفل فتتمثل بصعوبة الجلوس والبقاء هادئا لفترة طويلة، ودائما ما يركض ويتسلق الأماكن بغض النظر عن خطورتها، إلى جانب الشعور بالمزاجية والثرثرة والاندفاعية والشعور السريع بالملل، وعدم القدرة على كبت ما بداخله، وإذا وجهت له أسئلة فيجيب عليها قبل الانتهاء من طرحها.
علاج هذه المتلازمة
لا يوجد تشخيص لهذه الاضطرابات، إلا من خلال مراقبة الطفل وإجراء تقييم شامل للحالة من قبل الطبيب المختص عن طريق الفحص السريري، ومعرفة التاريخ المرضي للطفل وعائلته، للتأكد مما إذا كان مرضه وراثياً أم لا، كما يرى المداينه.
لذلك، يتوجب زيارة الطبيب عند ظهور الأعراض عليه، سواء في البيت، أو المدرسة، وعندما يؤثر هذا الاضطراب على حياته الدراسية والاجتماعية بشكل كبير، وعندما تستمر وتدوم أعراضها لأكثر من ٦ أشهر.