دانيال سواروفسكي.. "سيّد البلّور" الذي حوّل الزجاج إلى ألماس

أرشيف فوشيا
فريق التحرير
19 يناير 2020,6:31 ص

بدأ كلّ شيء في أقصى شمال بوهيميا التي كانت تنتمي سابقًا إلى الإمبراطورية النمساوية المجرية، حيث ولد «سيد البلور» دانيال سواروفسكي الذي حول الزجاج إلى ألماس وأسس مملكة كريستال سواروفسكي التي تقدر قيمتها، اليوم، بملايين الدولارات.

عازف «الكمان» الفاشل

كان سواروفسكي يحلم بأن يصبح موسيقيًا، وعازف "كمان"، لكنه فشل في تحقيق حلمه، فعوضه بمساعدة والده في إدارة ورشة الزجاج التي يمتلكها على غرار سكان قرية جورجنتال التي تشتهر بصناعة الزجاج والمرايا.

في العشرينات من عمره، قرر السفر إلى باريس لدراسة الهندسة، وخلال إقامته بفرنسا شهد عام 1883 حدثًا مهمًا غيَّر حياته، لقد شهد سواروفسكي فعاليات المعرض العالمي الكهروتقني، حيث اطلع على العديد من التكنولوجيات والاختراعات الحديثة في تلك الفترة، واكتشف إمكانية استخدام الكهرباء في طحن الزجاج، هذه التقنية الجديدة من نوعها، والتي كانت سبب إلهامه لتحويل الزجاج إلى ألماس.

بعد تسع سنوات من البحث والدراسة الشاقة، تمكن دانيال من اختراع طاحونة كهربائية، يمكنها صقل كمية كبيرة من الأحجار الكريستالية والبلورات بجودة فائقة، وبعد أن حصل على براءة الاختراع قرر دخول عالم التجارة والأعمال.

كوكو شانيل.. ومارلين مونرو

لم يرغب سواروفسكي في العودة إلى قريته، التي تشتهر بصناعة الزجاج؛ خوفًا من المنافسة، واستنساخ تقنيته الجديدة؛ فقرر الذهاب إلى بلدة واتنس في جبال الألب النمساوية، حيث أسس دانيال - رفقة شقيقه وصهره - شركة لإنتاج مجوهرات وإكسسوارات من الزجاج، وأحجار الراين، وتحويلها إلى بلورات من الكريستال والألماس، وأطلق عليها اسم «سي أو كي أس».

حدد دانيال سعرًا معقولاً لبيع مجوهراته الكريستالية؛ ليضمن انتشارها بين الناس، وينافس بها الألماس الحقيقي، الذي يقتصر شراؤه على فئة من الأثرياء فقط.

بعد فترة قصيرة، بدأ الطلب على بلورات سواروفسكي في الارتفاع بشكل حادّ؛ فلقد أصبحت إكسسواراته موضة العصر.

نجح دانيال في إدخال الكريستال بصناعة الأزياء الراقية والشاشات الفضية، وكانت المادة الجديدة مصدر إلهام كبير لكوكو شانيل، كما ظهرت مجوهرات سواروفسكي في أفلام هوليوود، مثل: "جنتلمان بريفر بلوندز" مع مارلين مونرو، كما وقعت نخبة باريس وسانت بطرسبرغ في حب المجوهرات الكريستالية من «سواروفسكي».

تشكيل الأسطورة

أدى الطلب المتزايد على منتجات الشركة إلى توسيع أعمالها، وزيادة عدد موظفيها، وتم تغيير اسم الشركة إلى «سواروفسكي»، بدل «سي أو كي أس». في عام 1908، انضم ثلاثة من أبناء المؤسس دانيال إلى الشركة؛ ما جعلها مؤسسة عائلية. وبدأوا تجربة تقنيات جديدة؛ لإنتاج أنواع خاصة من الكريستال، وكانت تُجرى هذه التجارب في ورشة عمل، شيِّدت خصيصاً لهذا الغرض. وبالقرب من فيلا الأسرة وبسرية تامة بعد سنوات، عثر دانيال على «وصفة» لإنتاج بلورة خالية من العيوب، وفي عام 1913 بدأت «سواروفسكي» إنتاج بلورتها الخاصة.

السر العظيم

لقد ظل دانيال يخفي سر إنتاج بلورات الكريستال ونقائها عن منافسيه؛ لتجنب استنساخها، كما عجز الكثيرون عن اكتشاف ذلك، ويقال إن هذا السر وراء نجاحات الشركة.

ويرجّح البعض أن ما يجعل كريستال «سواروفسكي» مختلفاً عن كل ما عداه، هو أن مستوى أوكسيد الرصاص لا يتجاوز 32% كحد أدنى.

واستخدام هذا المستوى من أوكسيد الرصاص، يجعل بلورات كريستال "سواروفسكي" شفافة، وغاية في الدقة.

ومن أجل إنتاج بلورات الكريستال، الذي يسمح بكسر الضوء في طيف قوس قزح، غطت "سواروفسكي" بعض البلورات بتلبيسات معدنية كيميائية خاصة، يقوم بها حرفيون ذوو مهارات عالية.

الزجاج الذي أكسبها المليارات والسمعة

تعدّ "سواروفسكي" أحد أكثر الأعمال التجارية العالمية تحقيقًا للأرباح؛ حيث يصل عدد فروعها إلى نحو 2800 متجر في 170 دولة، ويعمل لديها أكثر من 27 ألف موظف، أما عائداتها فبلغت نحو 4 مليارات دولار (2.87 مليار يورو) عام 2016.

وتنتج الشركة، اليوم، نحو 80% من جميع الأحجار المستخدمة في المجوهرات العالية الجودة، بمقر "سواروفسكي"، الذي مايزال يقع بالقرية النمساوية الصغيرة "واتنس".

google-banner
foochia-logo